ساندر بيتشاي هو شاب هندي ينحدر من الطبقة المتوسطة ، سطع نجمه في شركة Google ، حيث تدرج في المناصب ليصبح هو الرئيس التنفيذي لشركة “جوجل”. فما قصة نجاح ساندر بيتشاي الجالس على عرش Google. وكيف تمكن الرجل الذي لم يكن قادراً في يوم من الأيام على شراء حقيبة ظهر سعرها 60 دولاراً من الجلوس اليوم على قمة واحدة من أهم شركات التقنية في العالم.
نشأة ساندر بيتشاي
اسمه الكامل “بيتشاي ساندراراجان”، ولد في 12 يوليو/تموز عام 1972، ونشأ في مدينة تشيناي الواقعة جنوبي الهند، وكان والده يعمل مهندساً كهربائياً لدى شركة “جنرال إلكتريك” بينما عملت والدته ككاتبة قبل أن يولد هو وشقيقه الأصغر.
تنتمي أسرته للطبقة المتوسطة الهندية، وكان “بيتشاي” وشقيقه ينامان معاً في نفس الغرفة بشقتهم المكونة من غرفتين فقط، بينما لم تمتلك عائلته سيارة إلا بعد بلوغه سن الثانية عشرة.
درس “ساندر بيتشاي” هندسة المعادن في “المعهد الهندي للتكنولوجيا” في مدينة كراجبور، قبل أن يساعده تفوقه الدراسي هناك في الحصول على منحة للدراسة في ستانفورد.
وادي السيليكون
جاء الانتقال من الهند إلى كاليفورنيا بمثابة قفزة هائلة، حيث قال “بيتشاي” في إحدى المقابلات “لطالما أحببت التكنولوجيا، وطوال نشأتي كانت لدي أحلام حول وادي السيليكون، كنت أقرأ عنه، وأسمع قصصاً حوله من عمي”.
عندما وصل إلى الولايات المتحدة، كانت تكاليف المعيشة غالية بالنسبة للشاب الهندي حيث “فغر فاه” عندما علم أن سعر حقيبة الظهر 60 دولاراً.
بعدما فشل في الحصول على قرض لتغطية النفقات، قام والده بسحب ألف دولار من مدخرات الأسرة، وهو مبلغ يتجاوز راتبه في عامٍ كامل. وعلق “بيتشاي” على هذا قائلاً: “فعل والدي ووالدتي ما يفعله الكثير من الآباء في ذلك الوقت. ضحيا بالكثير من حياتهما، ووظفا الكثير من دخلهما للتأكد من تعلم أطفالهما”.
حصل “بيتشاي” على درجة الماجستير من جامعة ستانفورد، وعمل بعدها لدى شركة “أبلايد ماتريال” كمدير للمنتجات، قبل أن يتقدم باستقالته ليلتحق بكلية وارتون بجامعة بنسلفانيا لدراسة الماجستير في إدارة الأعمال.
بعد حصوله على درجة الماجستير في إدارة الأعمال انتقل “ساندر بيتشاي” للعمل لدى شركة الاستشارات الشهيرة “ماكينزي”، قبل أن يتركها هي الأخرى ويأخذ الخطوة التي غيرت حياته بشكل كبير.
القفزة الكبرى .. جوجل
أجرى “بيتشاي” مقابلة من أجل العمل في “جوجليبلكس” – الأسم الأصلي لـ”جوجل” – في الأول من أبريل/ نيسان عام 2004، وهو نفس اليوم الذي أطلقت فيه الشركة خدمة “جي ميل”.
الجميع بمن فيهم “بيتشاي” نفسه اعتقد في البداية أن خدمة البريد الإلكتروني المجانية واحدة من مزح “جوجل” سيئة السمعة.
بدأ العمل ضمن فريق صغير انهمك في تطوير شريط أدوات جوجل في متصفحات الإنترنت، والذي كان يوفر للمستخدمين إمكانية الوصول بسهولة إلى محرك البحث.
في عام 2006 وفي خطوة صادمة لـ”جوجل”، جعلت “مايكروسوفت” محرك “بينج” هو محرك البحث الرئيسي لمُستخدمي “إنترنت إكسبلورر”.
اقترح “ساندر بيتشاي” في ذلك الوقت قيام “جوجل” ببناء متصفحها الخاص، ولكن في البداية عارض “إريك شميدت” – الرئيس التنفيذي السابق لـ”جوجل” – الفكرة، لأنه اعتقد أن تطوير الشركة لمتصفحها الخاص سيكون أمرا مكلفاً للغاية.
تمكن “ساندر بيتشاي” بطريقة ما من إقناع مؤسسي الشركة “لاري بيدج” و”سيرجي برين” بالفكرة، وتم إسناد الأمر له.
حاول “ساندر بيتشاي” أثناء عمله على المتصفح الجديد تجنب أغلب السلبيات التي وقعت بها المتصفحات الأخرى، وكانت النتيجة هي “جوجل كروم” الذي أطلق في عام 2008.
نجاح “جوجل كروم” كان أبعد من الخيال، حيث تمكن من تجاوز جميع المتصفحات الأخرى مثل “إنترنت إكسبلورر” و”فايرفوكس” ليصبح المتصفح رقم واحد في العالم، مع استحواذه على حصة تقترب من %45 من إجمالي السوق العالمي في عام 2015.
أسلوب ساندر بيتشاي في القيادة
كقائد، كان “ساندر بيتشاي” دائماً محبوباً وأكثر تركيزاً على النتائج، وأسهمت طريقة وأسلوب تفكيره في مشكلة “إنترنت إكسبلورر” في لفت الانتباه إليه، وحصوله على المزيد من المسؤولية، مثل رئاسته لقسم الآندرويد في عام 2013.
من بين جهود “ساندر بيتشاي” البارزة التأكد من اندماج وتجانس الآندرويد مع جوجل، وذلك قبل أن تكون تلك هي مهمته الرئيسية في مارس/آذار 2103 خلفًا لـ”أندي روبين”.
إحدى النقاط الرئيسية التي أسهمت في رفع مكانة “بيتشاي” بشكل كبير داخل الشركة، هي فاعليته في مساعدة “جوجل” على جمع 3.2 مليار دولار من أجل شراء “نيست” في عام 2014.
حافظ “ساندر بيتشاي” على ولائه لـ”جوجل” على الرغم من أن شركة “تويتر” تواصلت معه مرتين من أجل تولي مناصب رفيعة لديها أهمها منصب المدير التنفيذي، بينما كانت عين “مايكروسوفت” عليه أثناء بحثها عن رئيس تنفيذي يخلف “ستيف بالمر”.
لذلك كان من الواضح لمؤسسي “جوجل” أنهما إذا لم يتصرفا بسرعة فسوف يفقدا خدمات وإمكانات “ساندر بيتشاي” الرائعة.
ساندر بيتشاي على رأس شركة Google
في ضوء كل نجاحاته السابقة سواء مع جوجل كروم أو آندرويد، حقق “ساندر بيتشاي” قفزة كبيرة في حياته المهنية في أواخر عام 2014، عندما قرر المؤسس المشارك للشركة “لاري بيدج” تعينه رئيساً لقسم المنتجات.
بعد عام تقريباً، وعندما فاجأت “جوجل” الجميع بإعادة هيكلة الشركة، لم يكن قرار تعيين “ساندر بيتشاي” رئيساً تنفيذياً لـ”جوجل” مفاجئاً، لأنه كان مسؤولا في ذلك الوقت بالفعل عن منتجاتها الأساسية، واعتبره الجميع المرشح المثالي للمنصب.
كان “ساندر بيتشاي” ولا يزال محبوباً داخل “جوجل” وربما يرجع ذلك إلى تركيزه على النتائج أكثر من مجده الشخصي، وعدم سعيه للحصول على الثناء، وارتفعت شعبيته بشكل كبير بعد تعيينه رئيساً تنفيذياً للشركة.
العديد من الجالسين على قمة شركات التكنولوجيا الأمريكية يدركون جيداً أن “ساندر بيتشاي” واحد من أكثر المديرين التنفيذيين مرونة، ويُنظر إليه البعض في كثير من الأحيان على أنه أفضل من “لاري بيدج” المؤسس المشارك لـ”جوجل”.
كل ما سبق يبرر وبشكل منطقي حصول “ساندر بيتشاي” بعقليته المتفردة على راتب ومكافآت قد تبدو “ضخمة” في نظر البعض، لكنها نتاج دراسة وتعب ومثابرة وامتلاك رؤية قادرة على التغيير.