كان لجائحة كوفيد-19 تأثير عميق على حياة الناس سواءً من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية، حيث تعرّض الكثير من الناس إلى أزمة مالية بسبب توقف معظم الأعمال والأنشطة التجارية والذي نجم عنه فقدان الوظائف وخفض الرواتب.
من كان يظن أن فيروسا قاتلا يمكن أن يعلمنا شيئًا عن المال؟ في الواقع تعلَّم الجميع حول العالم دروسًا إيجابية للغاية مستفادة من هذه الجائحة. سنشارك معك عزيزي القارئ في هذه المقالة 5 دروس مالية ثمينة :
1- صندوق الطوارئ أمر بالغ الأهمية
لا يدرك البعض أهمية الادخار ليوم ماطر إلا بعد أن يغرق في عاصفة. اتّضح للجميع أن تخصيص مبلغ مالي للطوارئ يمكن أن يكون بمثابة حياة أو موت لدى الكثيرين في الأوقات العصيبة. للأسف، لم يكن يبالي البعض بهذه النصيحة حتى فاجأتهم الأزمة، فهناك من انقطع دخله وهو الآن يكافح لتلبية احتياجاته المعيشية، وهناك أيضا من وجد نفسه على حافة الإفلاس من أصحاب المشاريع والأعمال الصغيرة.
بدون أموال احتياطية أنت مُعرّض في أي وقت لأزمة مالية قد تحتاج لشهور أو ربما سنوات لتجاوزها. لذلك فإن أول درس يمكنك استيعابه بعد هذه الجائحة، هو أن يكون لديك ما يعادل 3 أشهر إلى 12 شهراً من النفقات المعيشية. ابدأ من الآن في إنشاء أو تجديد صندوق الطوارئ حتى لا تكون ممن تنطبق فيهم هذه المقولة: عندما ينحسر المدّ، يظهر من كان يسبح عاريا.
2- مصدر ثانٍ للدخل ضرورة وليس اختيار
إن حالات خفض الأجور والتسريح من العمل خلال هذه الجائحة والتي تقدّر بملايين الحالات، ينبغي أن تُظهٍر لك هشاشة الأمان الوظيفي الذي كان يتصوره البعض. بعد هذه الأحداث الأخيرة، أدرك كثيرون أنه للحفاظ على تدفق الدخل، ينبغي امتلاك مصدر ثان للدخل بحيث يبقي صاحبه محميًا خلال أي أزمة مالية مستقبلا.
تمامًا عندما يتعلق الأمر بالاستثمار، يعد وضع كل البيض في سلة واحدة أمرًا غير جيد أبدًا، فإن الأمر نفسه يُطبَّق على الدخل، فلم يعد آمنا الاعتماد على مصدر دخل واحد، وإذا لم تكن قد خطّطت من قبل لتنويع مصادر دخلك، فيجب أن يكون البدء فورًا على رأس قائمة أولوياتك. إن الدرس المالي المستفاد هنا، هو أن تقوم بإعادة تخطيط أهداف حياتك الشخصية لتشمل بناء مصدرَ دخلٍ ثانٍ.
3- الاقتراض سلاح ذو حدّين
في الأوقات الصعبة مثل الفترة الحالية يمكن أن يكون فيها انخفاض الدخل أو فقدانه، سببا في عدم القدرة على الاستمرار في أداء أقساط القروض، على الرغم من بعض الدعم أو التسهيلات قصيرة الأجل من الحكومة. لقد علمتنا أزمة COVID-19 أنه لا فائدة من العيش خارج حدود إمكانياتنا، لأن التورُّط في أقساط شهرية كان يمكن تجنبها يعدُّ أحد أسوأ الأخطاء المالية التي يمكن أن يرتكبها المرء.
عندما يتم التعامل مع القروض بحكمة وبنظرة استراتيجية، فإنها يمكن أن تخفف من أعبائنا المالية كما يمكن أن تنقذنا من حالة طوارئ مالية، لكن الإقبال على القروض لمجرد إمكانية الاستفادة منها يمكن أن يؤدي إلى التهلكة. إن الاقتراض بحذر وأن يكون هناك خطة طوارئ لضمان القدرة على السداد في الأوقات العصيبة كالتي نعيشها، هو درس مالي آخر يمكن أن نتعلمه من هذه الجائحة.
4- الميزانية أداة انقاذ ويجب أن تصبح عادة
اضطرت العديد من العائلات بسبب فقدان الدخل إلى التفكير مليًا في كيفية إنفاق كل فلس متاح. إضافة إلى أن العديد ممن فقدوا وظائفهم أو أولئك الذين يتلقون الآن راتبًا مخفضًا، أصبحوا مجبرين على اتباع ميزانية محكمة لتلبية احتياجاتهم الأساسية طيلة فترة الأزمة.
عندما تكون الأمور على ما يرام، يكره معظم الناس فكرة وضع ميزانية لتنظيم إنفاقهم. لماذا؟ لأنهم يعتقدون أن الميزانية تقيدهم وتمنعهم من التصرف بحرية في المال الذي تعبوا من أجله. إن الميزانية في الحقيقة لم توجد لُتقيِّد حياتك على الإطلاق، ولا يجب أن تمنعك من شراء الأشياء التي تريدها حقًا، بل هي توجهك وحسب لأكبر أولوياتك. فلقد تغيرت أولوياتنا عما كانت عليه قبل الجائحة، حيث تخلص أغلبية الأشخاص الآن من النفقات الجانبية والكمالية، والتي تؤثر بلا شك على ميزانيتهم وتؤدي في بعض الأحيان إلى انتهاء الدخل قبل انصرام الشهر. والدرس المستفاد هذه المرة هو أن الإنفاق العشوائي دائما ما يقود صاحبه إلى صرف المال الكثير على الكماليات. في الواقع، إن اتباع ميزانية تحدد أولويات الإنفاق وتساعد على الادخار يجب أن تكون عادة مستمرة وليس فقط عندما تتأزم الأمور.
5- التغيير يمكن أن يحدث فجأة وبسرعة
ربما قد سمعت بالدورة الاقتصادية والتي تسمى أيضا بدورة الازدهار والانكماش. والتي تعني أن النشاط الاقتصادي يتغير باستمرار، حيث ينتقل من حالة الانتعاش والنمو إلى حالة الانكماش والركود ثم ينهض من جديد ليدخل مرحلة نمو مرة أخرى وهكذا. ولكن لم يكن أحد ليتوقع الإغلاق الدراماتيكي للاقتصاد الناجم عن Covid-19. إنه تذكير جيد أنك لا تعرف أبدًا ما يمكن أن يحدث! إن وجود مدخرات للطوارئ، وأن تكون بدون ديون يعتبر استعدادا جيدا لأي أحداث اقتصادية سلبية غير متوقعة، وإذا كان لديك أكثر من مصدر دخل فستكون قد حصنت نفسك وعائلتك.
على أمل أن يتم القضاء عاجلا على هذا الوباء، نرجو أن تتمكن عزيزي المشاهد من تجاوز هذه الفترة دون أية أضرار. وسيسرنا أن تشارك معنا الدروس التي تعلمتها من هذه الجائحة، وما هي التعديلات التي ستجريها في حياتك لتمضي قدما نحو مستقبل أكثر أمانًا؟