إن القدرة على تقديم تبرير منطقي لشيء نعلم تمامًا أننا لا يجب أن نفعله هو أحد الأشياء التي يتميز فيها البشر بشدة، وخاصة لو كنا نختلق تبريرات أو أعذار لإسرافنا في إنفاق الأموال.
لكن مهما كنت بارعًا في إيجاد تبرير لاستهلاكك الحد الأقصى لبطاقتك الائتمانية، أو إنفاق كل مدخراتك، أو عيش حياة البذخ بأموال لا تمتلكها من الأساس، لن تنفعك تبريراتك في النهاية عندما ينهار كل هذا الوهم وتواجه نهايتك المحتومة (الافلاس).
لهذا حان وقت التوقف عن تبريراتك للإنفاق بأكثر مما تستطيع تحمُل تكلفته. تعرَّف فيما على 5 أعذار الأكثر شيوعا لتبرير الإسراف في إنفاق الأموال:
1. أنا أستحق هذا..
بعد قضاء يوم طويل في العمل، قررت المرور على متجرك المفضل، وأخبرت نفسك أنك تستحق هدية تكافئ بها نفسك على كل العمل الشاق الذي تبذله بالرغم من أنك لا تستطيع تحمل ثمنها. أو بعد إنهاء مشروع كبير، قررت الذهاب في رحلة باذخة على حساب بطاقتك الائتمانية لأنك تستحق قضاء بعض الوقت في الاسترخاء. أو عندما توقفت سيارتك القديمة عن العمل تمامًا، قررت تأجير سيارة باهظة الثمن تبهر كل من يراك لأنك تستحق ركوب سيارة تحاكي روعتك.
إن شراء شيء لا يمكنك تحمل ثمنه قد يمنحك إحساسًا مؤقتًا بالسعادة، وتشعر بأنه مكافأة لك في لحظتها، ولكن الدين المرتبط بإسرافك سيصبح عبء ثقيل عليك بعد ذلك. أين المكافأة في هذا؟
تخلص من هذا العُذر
لو كنت تعتقد أنك تستحق أشياء لا تستطيع تحمل ثمنها، فمنطقك في فهم الأمور مغلوط تمامًا. إن ما تستحقه هو الشعور بسعادة أكبر وضغط أقل، ويوجد طرق كثيرة لمكافأة نفسك على عملك الشاق لا تتضمن إنفاق الأموال. خذ فترة راحة من روتينك اليومي واذهب للتمشية مع صديق، أو شاهد برنامج تلفزيوني مفضل لديك، أو فكر في كل الأشياء الجيدة في حياتك ببساطة.
كلما شعُرت بأنك تعاني نتيجة الإحساس بأنك تستحق شيء ليس لديك، اكتب قائمة بالأشياء التي تشعر بالامتنان لوجودها في حياتك. قد يساعدك هذا على وضع عذر “أنا أستحقه” في سياقه السليم.
2. عليه خصم..
إن حقيقة أن شيء ما أرخص من ثمنه المعتاد هو عذر ممتاز لشراءه عادة، أو هذا ما يقوله تفكيرنا اللامنطقي على الأقل. تُدرِك المتاجر هذا الخلل في تفكيرنا لسوء الحظ، وبالتالي تقوم بالعديد من الخدع في الأسعار لجعل المنتجات تبدو وكأنها فرصة يجب انتهازها. يتضمن هذا رفع الأسعار بطريقة زائفة كي يتمكنوا من عرضها “بخصم” لاحقًا، أو تقديم خصومات فقط على الاشياء التي ليس عليها طلب كبير او على المنتجات والكثير من التكتيكات التي تكون في صالحهم في نهاية المطاف.
تخلص من هذا العذر
ببساطة تجنَّب مواقف الخصومات التي تغريك بالإنفاق بسبب انخفاض الأسعار. أما بالنسبة للأشخاص الذين لا يقاومون إغراء الخصومات، عليكم أن يجيبوا على الأسئلة الثلاثة التالية حيال الشيء المعروض بخصم يغري بشراءه:
هل أحتاج لهذا الشيء؟ هل سأشتريه لو لم يكن عليه خصم؟ هل أستطيع تحمل ثمنه؟
ما لم تكن الإجابة على كل هذه الأسئلة هي “نعم” صريحة، ضع هذا الشيء مكانه وابتعد.
3. كنت سأشتريه على أي حال..
ماذا لو كنت إجابتك هي أنك تريد بالفعل الشيء المعروض بخصم، رغم أنك لا تمتلك ثمنه حاليًا؟ ستبرر شرائك لهذا الشيء عادة بأنك كنت ستشتريه على أي حال، فلماذا لا تشتريه الآن وحسب.
لسوء الحظ، نحن بارعين جدًا في الكذب على أنفسنا حول ما إذا كنا نخطط فعلاً لشراء شيء ما في المستقبل أم لا.
تخلص من هذا العذر.
إن هذا العذر هو مجرد طريقة للتظاهر بأن الشيء الذي تريده هو الشيء الذي تحتاجه. ولمساعدتك على فهم الفارق بين الرغبات والاحتياجات، انتظر لفترة قبل شراء أي شيء دون تخطيط. انتظر 24 ساعة على الأقل قبل شراءه. سيساعدك هذا على التمييز بين “واو، أريد هذا الآن”، عن “حسنًا، سأحتاج للعودة لهذا لاحقًا”.
4. نجحت في خفض الانفاق الشهر الماضي، لذا يمكنني تحمُل القليل من الإسراف الآن..
لقد حرمت نفسك من الإسراف عن طريق ركوب الحافلة بدلاً من تاكسي، وتناول قهوة المكتب الرديئة بدلاً من تناول اللاتيه الصباحي، بل ورفضت الخروج مع أصدقائك لارتياد المقاهي مساء كل يوم كما في السابق، لذا حان وقت الاستمتاع بثمار عملك الشاق. أنت ترى أن من حقك الانطلاق قليلاً لأنك تصرفت بشكل مثالي لفترة طويلة.
تشبه طريقة التفكير هذه الأعذار التي يقولها مَن يتَّبِعون حمية أو يؤدون تدريبات رياضية للتوقف عن الالتزام بنظامهم الغذائي أو تدريباتهم بعد فترة. يتضح من هذا العذر أنك تنظر للشهر الذي خفضت إنفاقك فيه (أو الشهر الذي اتبعت حمية غذائية أو مارست الرياضة فيه) بأنه نوع من الحرمان. لو كنت تعتقد أن تخفيض النفقات هو سلوك جيد تؤديه كي تتمكن من العودة لنمط الإسراف لاحقًا، فلن تتمكن من التقدم ماليًا أبدًا.
تخلص من هذا العذر
من المهم جدًا أن يضع الجميع ميزانية أو خطة إنفاق يمكنهم الالتزام بها على المدى الطويل، ميزانية أو خطة لا تبدو كحرمان، ولكنها تسمح لك بالعيش وفقًا لإمكانياتك ومن اجل تحقيق اهداف المستقبل. ستتمكن من التخلص من هذا العذر للإسراف لو وضعت ميزانية تسمح لك بإنفاق بعض المال على أشياء تهتم بها، مع تخفيض النفقات على الأشياء التي لا تهتم بها بنفس الدرجة.
عندما يكون لديك خطة حياتية تشعر بأنك تستطيع الالتزام بها على المدى الطويل، ستتمكن من التوقف عن التفكير بطريقة تشجعك على الإسراف بعد أن عشت وفقًا لإمكانياتك لبعض الوقت.
5. إنها فترة عيد..
إن إنفاق المال للاحتفال بالأعياد وشراء الهدايا يمنح للمرء شعورًا رائعًا، بشكل يقنعنا أننا ننفق المال على أشياء غير أنانية، وأننا نفعل هذا لإسعاد الآخرين، فنحن لا نريد سوى منح أحبتنا لحظات سعيدة لا تُنسى، لذلك لا مانع لو اشترينا كل هذا ببطاقة ائتماننا او بقرض استهلاكي، والقلق بشأن الفاتورة لاحقًا. نحن ننشر بهجة العيد!
يوجد عواقب للإسراف في الأعياد رغم هذا. سيكره أحبائك رؤيتك تعاني تحت وطأة ديون بطاقتك الائتمانية، أو غير قادر على الإدخار للمستقبل بسبب نفقات العيد والأموال التي أنفقتها على هداياهم.
تخلص من هذا العذر
إن أفضل طريقة للتخلص من هذا العذر هو إدراك ما ستحصل عليه بالضبط مقابل إنفاق الأموال على الهدايا والزينة والطعام أو أي تقاليد أخرى. بمجرد أن تعترف أنك تحصل على شيء ما من الإسراف في الإنفاق على الهدايا أو الأعياد، ستتمكن من إيجاد طرق تمنحك نفس الشعور بدون إسراف. عندما تدرك أن الإنفاق الذي لا تتحمّله إمكانياتك هو تصرف غير حكيم، سيصبح من السهل إيجاد طرق إبداعية للاستمتاع بسحر الأعياد دون استهلاك الحد الأقصى لبطاقتك الائتمانية او الاضطرار للاقتراض.
اختبار وتحدي : بعدما عرفت اننا نختلق الكثير من الأعذار لتبرير مشترياتنا ، قرِّر أن تختبِر عاداتك في إنفاق المال بشراء ما تحتاجه فقط لمدة شهر واحد فقط، وستلاحظ كم أنك ستنفق مالًا أقل بكثير بمجرد التركيز على الأشياء التي تحتاجها بدلًا من الأشياء التي ترغب بها.