إن الطريق إلى الحرية المالية ليس سهلا، فبمجرد أن تخطو أولى خطواتك على هذا الطريق، ستقابل عائق تلو عائق. يُصاب الكثير من الناس بالإحباط ويستسلمون سريعًا، بينما يقاوم الآخرون لفترة ولكن دون نتائج، ثم يستسلمون بعدها. إن القلة المثابرة فقط هي التي يمكنها التقدُم وتحقيق الثراء حقًا.
يوجد العديد من الأشخاص لا يفهمون لماذا لم يقتربوا من تحقيق الحرية المالية، بالرغم من العمل على تطوير ثقافتهم المالية منذ فترة، فمنهم من قرأ الكثير من الكتب، وأخذ دورات.. ولكنه يتساءل : “أنا متعلم ماليًا، ولكني مازلت غير قادر على زيادة دخلي. أين الخلل إذن؟”
الخبير المالي المخضرم، روبرت كيوساكي، يؤكِّد في هذا الباب أن الفعل هو العامل الحاسم الذي يحوّل الأفكار إلى تدفقات مالية وواقع ملموس، و هو ما يُحدِث الفرق بين الأماني المعسولة و الأحلام الحقيقية. أفعالنا وسلوكياتنا هي التي تحدد مستقبلنا، فإذا كنت تعتقد أنك تتعلم ماليا و تنمي ثقافتك المالية لكن دون نتائج ملموسة، فعلى الارجح أن هناك اسباب تمنعك من القيام بالفعل والسعي المطلوب وتُعيق تقدمك إلى الأمام.
ويؤكد روبرت كيوساكي أن هناك خمس أسباب أساسية تمنع الأشخاص المتعلمين ماليًا من تحقيق تدفقات نقدية مهمة، سواء بشكل واعي أو لا واعي. وطبعا التغلب على هذه الاسباب ليس سهلا، ولكنه ضروري لتحقيق الثروة :
1) الخوف.
هذا هو السبب الأكثر شيوعًا لعدم ثراء معظم الناس. لو لم تكن خائفًا من أي شيء، فماذا يمكن أن تفعل الآن لتحقيق الثراء؟ الاستقالة من وظيفتك؟ بدء مشروعك الصغير بجانب الوظيفة ؟ إنشاء شركتك الخاصة؟ استثمار مدخراتك في امتلاك الأصول المدرة للدخل؟
يقضي كثير من الناس وقتهم في القراءة والدراسة وزيادة معارفهم المالية، ولكن عندما يحين وقت التصرف وفقًا لهذه المعرفة، يتراجعون..يخافون.
إن الخوف شيء مفهوم، فالمخاطرة والتغيير مخيفين، ولا مشكلة لو شعُرت بالخوف، ولكن المشكلة هي أن تترك خوفك يغمرك لدرجة أنك لا تقوم بأي فعل على الإطلاق. ينتقل الخوف حينها من كونه أمر طبيعي إلى عائق يقف في طريق حريتك الحقيقي.
2) التشكيك.
إن التشكيك والتشاؤم هو شكل آخر من أشكال الخوف، فهو عدم الثقة التي تمنعك من امتلاك الثقة اللازمة بالنفس التي تساعدك على التقدُم. ويمكن لانعدام الثقة هذه أن تكون عدم ثقة في نفسك، ويظهر في شك غامر في النفس، أو بارانويا (جنون الارتياب) بشأن الأسواق، أو التشكيك في اتفاق قوي، أو التراجع عن استثمار في اللحظة الأخيرة.
سيعيقك التشكيك في نفسك، في قدراتك، في النتائج التي ستحصل عليها… أيًا كانت الطريقة التي يتجلّى بها. يجب أن تتعلم التمييز بين القلق الحقيقي وبين الخوف المبالغ فيه. لو كنت متعلم ماليًا، وقمت بالبحث و الدراسات اللازمة، يجب أن تثق في قدراتك. لا يجب أن تترك الآخرين يقنعونك بعدم القيام بأمر تعرف أنه سليم، ولا يمكنك منع نفسك من الثقة في افكارك ومعلوماتك.
3) الكسل.
نحن جميعًا نعتقد أننا نعرف ما هو الكسل، فهو الاستلقاء على الأريكة لخمس ساعات متتالية لمشاهدة التلفاز وتناول الفشار. لو اتهمت شخص يعمل بجِد بالكسل فتتلقى ردًا غاضبا جدا غالبًا.
يؤثر الكسل علينا جميعًا مع ذلك، وعادة ما يكون الأشخاص المشغولين هم أكثر الناس كسلاً. يصبح الناس “مشغولين جدًا” بسهولة ولا يستطيعون القيام و اعطاء الاولوية للأشياء المهمة، مثل صحتهم أو عائلتهم أو أموالهم. يذهبون للعمل ويعملون طوال اليوم، ويشعرون بإرهاق شديد عندما يعودون للمنزل ولا يفعلون أي شيء آخر من فرط التعب.
عندما لا يكونوا مشغولين بالعمل أو العائلة، عادة ما يكونوا مشغولين بمشاهدة التلفزيون أو لعب الجولف أو التسوق، ولكنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم يتجنبون شيء مهم.
إن هذا هو النوع الأكثر شيوعًا للكسل: الكسل عن طريق البقاء منشغلاً.
لذا، قم بإلقاء نظرة صادقة على حياتك. هل عذرك لعدم الاستثمار هو أنك مشغول جدًا؟ ما معنى هذا؟ بِمَ أنت مشغول حقًا؟ وكيف يمنعك هذا عن تحقيق الحرية المالية؟
4) العادات السيئة.
تتحكم عاداتنا في مستقبلنا، ولو كنت ذو عادات سيئة فإن مستقبلك ينسل من بين يديك.
تُعَد العادات السيئة أسوأ العوائق الممكنة أمامك، لأنها من الصعب جدًا التخلص منها، فهي تتطلب انضباط وجهود مستمرة وواعية.
لا يمتلك الكثير من الناس الانضباط اللازم للتخلص من عاداتهم السيئة، والأسوأ من هذا، أن الكثير من الناس لا يدركون حتى أن عاداتهم سيئة في المقام الأول. كمثال، الشخص الذي ينام لوقت متأخر في أجازات نهاية الأسبوع قد يعتقد أنه يعوض عن النوم الذي يحتاجه بشدة، ولكن هذه العادة تسرق منه ساعات عديدة كان بإمكانه إجراء بحوث على الاستثمار فيها أو بناء عمل جانبي.
تأمل في عاداتك الحياتية، فبعضها قد يكون مغروس بشدة في روتينك اليومي لدرجة أنك لا تلاحظها. وفكّر.. كيف تعيقك هذه العادات؟
5) الغرور.
يقول روبرت : “كل مرة شعُرت فيها بالغرور..خسرت نقودًا، لأني حين أكون مغرورًا، أصدق حقًا أن ما لا أعرفه ليس مهمًا”.
لقد وجدت أن العديد من الناس يستخدمون الغرور في محاولة لإخفاء جعلهم، فهم يختالون ويبالغون في إظهار الثقة لإخفاء عن حقيقة أنهم لا يعرفون ما يفعلونه حقًا. وبدلاً من الإقرار بتواضع بما يحتاجون لمعرفته، يلومون الآخرين والظروف على فشلهم.
إذا لم تستطع أن تكون صادقًا ومتواضعًا مع نفسك، فليس لديك أي فرصة لتحقيق الحرية.
الخبر السعيد : لو أنك تعاني من أحد العوامل المذكورة أعلاه، فهذا يعني أن أمامك فرصة كبيرة جدًا لتتدارك الامر. وهذه المهمة ليسة سهلة بالطبع، وإلا فإن الجميع يحققون الحرية المالية في ظرف وجيز وبكل سهولة. لكن على العموم معرفة الاسباب والسلوكيات التي تعيقك عن زيادة ثروتك هو الخطوة الأولى. و تأكد أنك بالتدريب والمثابرة ستتمكن من التغلب على هذه السلوكيات والمشاعر السيئة وإيجاد طريقك للحرية.