قد تكون قد سمعت من قبل بتقنية البلوكشين. وقد تكون على علم أن الخبراء يعتبرونها ثورة تكنولوجية، حيث أنها ليست قادرة فقط على تغيير سوق الخدمات المالية رأسا على عقب، بل كل قطاعات ومجالات الأعمال الأخرى. سنتحدث فيما يلي عن تقنية البلوكشين بالتفصيل.
تقنية البلوكشين blockchain (سلسلة الكتل بالعربية) هي التكنولوجيا الرقمية التي تقوم عليها العملات الرقمية. وهي عبارة عن قاعدة بيانات موزعة، ومخازن معلوماتها غير موصولة بمعالج مشترك. البلوكشين هي عبارة تقنية معلوماتية عن قائمة بتسجيلات مرتبة المسماة بالكتل. وكل كتلة لها وسم زمني ورابط على الكتلة التي تسبقها.
بإمكان الناس تعديل أجزاء السلسلة التي يملكونها فقط. أما حقوق الوصول يضمنها نظام تشفير. لكل مستخدم تشكيلة مفاتيح خاصة والمطلوبة من أجل تسجيل المعلومات. عدا ذلك هناك برمجية خاصة تحرص على مزامنة جميع النسخ من قاعدة البيانات الموزعة.
تخيل بطاقة طبية رقمية. كل تسجيل فيها مكافئ لكتلة مع وقت إنشاء خاص بها. النظام مصمم بطريقة تجعل من المستحيل تغيير هذا الوقت: يجب أن تكون التسجيلات في البطاقة عن التشخيص والعلاج أن تكون بترتيب زمني محدد. إمكانية الوصول للمعلومات موجودة فقط لدى الطبيب والمريض. ولكل منهم مفتاحه الخاص. إن أرادت جهة ثالثة الحصول على المعلومات مثل إداري المشفى أو خبير مدعو الحصول على المعلومات فهذا فقط في حال قام الطبيب أو المريض بمشاركته مفتاحه الخاص. وبذلك قاعدة البيانات الطبية هي نموذج مبسط من تقنية البلوكشين.
البلوكشين بطبيعته له مستوى حماية عالي. قدم مبدأه ساتوسي ناكاموتو عام 2008 وطبق للمرة الأولى على شكل العملة الرقمية المسماة بالبيتكوين.
في هذه الحالة يستخدم تقنية البلوكشين لرقابة جميع العمليات، وأمكن بفضله حل مشكلة تبادل المعلومات دون مخدم مركزي أو منظم (على خلاف النقود، يمكن نسخ الملفات الرقمية وإعادة صرفها مرة أخرى).
يؤمن أمان تقنية البلوكشين مخدم موزع يحتوي على وسمات الوقت الشبكات الزوجية. بالنتيجة يتم إدارة قاعدة البيانات بشكل مستقل و لا مركزي. وبهذا السياق، البلوكشين ملائم لتسجيل الأحداث- الحوالات والتحكم ببيانات المستخدم وتأكيد الأصل. فعليا تساعد على إزالة الوسطاء من جميع العمليات التجارية.
كيف تعمل تقنية البلوكشين blockchain؟
أي أحد يمكن أن ينشر معلومات على الشبكة والآخرون يمكنهم استخدامها. تسمح تقنية البلوكشين بإرسال المعلومات القيمة ويسهل الوصول إليها. لكن لهذا يجب أن يكون لدى المستخدم مفتاح شفرة شخصي والذي يفتح الوصول إلى الكتل التي “يملكها” المستخدم.
حين تعطي المفتاح لأي أحد فأنت فعليا تنقل له قيمة الموجود في هذه الكتلة.
في حالة البيتكوين تتيح المفاتيح الوصول للعناوين التي تحفظ فيها العملة. قيمتها مالية. وهنا يلعب البلوكشين دور الوسيط الذي يسجل عملية نقل الأموال (تقليديا تقوم البنوك بهذا الدور).
عدا ذلك تساعد تقنية البلوكشين على تأكيد الشخصية ويدعم الثقة بين الأطراف، بما أنه لا أحد يستطيع تعديل المعلومات في الكتل دون أن تكون لديه المفاتيح المطلوبة. أي تغييرات لم يتم تأكيد مصداقيتها تعتبر ملغية.
طبعا المفاتيح وكما في حالة النقود التقليدية يمكن سرقتها. لكن بضعة سطور من الكود البرمجي يمكن حمايتها بسهولة (على خلاف الذهب المحفوظ في فورت نوكس مثلا).
وبهذه الطريقة، يمكن الاستعاضة عن الدور الرئيسي الذي تقوم به البنوك للحد من الغش وتأكيد الهوية وشرعية الصفقات باستخدام تقنية البلوكشين، وأسرع بكثير وأكثر فعالية.
لماذا تكنولوجيا البلوكشين بهذه الأهمية؟
جميعنا اليوم يستخدم منصة لامركزية لتبادل المعلومات: الإنترنت. لكن حين يبدأ الحديث عن نقل الأشياء القيمة كالمال مثلا، فنحن مضطرون للجوء لخدمات المؤسسات المالية المركزية مثل البنوك.
حتى وسائل الدفع الحديثة تتطلب عادة وجود حساب مصرفي أو بطاقة ائتمانية.
تقنية البلوكشين تقدم إمكانية التخلص من الوسطاء. تقوم برقابة العمليات وتحديد هويات الجهات التي تقوم بالتداول وتبرم الصفقات. أما في الحالة التقليدية تقوم البنوك بهذه العمليات.
هذا له أهمية كبيرة، بما أن قطاع الخدمات المالية في كل العالم هو القطاع الأكبر من حيث الرسملة السوقية في الاقتصاد. استبدال ولو جزء بسيط منها بنظام البلوكشين سيتسبب ليس فقط بتغييرات كبيرة في قطاع الخدمات المالية، بل وستزيد من فعاليتها.
الوظيفة الثالثة هي إبرام العقود، والتي تجعل تقنية البلوكشين مفيدا خارج إطار الخدمات المالية. يمكن أن تحتوي قاعدة البيانات ليس على وحدات نقدية فحسب مثل البيتكوين، بل أي نوع من المعلومات الرقمية بما فيها الكود البرمجي.
يبدأ تنفيذ الكود حين تدخل الجهات مفاتيحها بذلك موقعين على العقد. يمكن للبرنامج استخدام معلومات من الخارج مثل أسعار الأسهم، حالة الطقس، عناوين الأخبار أو أي معلومات أخرى بإمكان الحاسب معالجتها، وخلق العقود تلقائيا والتي تنفذ تلقائيا عند تحقق شروط معينة.
هذه التقنية معروفة تحت اسم “العقود الذكية”, وإمكانيات تطبيقها غير محدودة تقريبا.
مثلا التيرموستات الذكي يمكن أن يتواصل باستمرار مع الشبكة الكهربائية الذكية ويرسل المعلومات عن استخدام الطاقة. عند الوصول إلى حد معين من الكيلوواطات الساعية المستخدمة تقوم تقنية البلوكشين تلقائيا بتحويل سعرها من حساب المستهلك إلى حساب شركة الطاقة، مؤتمتا بذلك عملية حساب وإصدار الفواتير.
لنعود للطب. إن قام الطبيب أو المريض بإدخال المفتاح الشخصي إلى جهاز ما مثل جهاز قياس مستوى السكر في الدم، سيتمكن هذا الجهاز من تسجيل المعلومات بشكل آمن وفي حال الضرورة التواصل مع آلية إدخال الإنسولين للحفاظ عليه عند مستوى صحي.
كما تناسب تقنية البلوكشين لحماية الحقوق الفكرية. يمكن للتقنية مراقبة كم مرة استخدم المستخدم البيانات أو نسخها وعلى أساسها يمكن تطوير أنظمة تصويت مقاومة للتلاعب، تأمين نشر المعلومات والكثير الكثير.
وعلى الرغم من بعض المسائل، أفق تقنية البلوكشين ضخمة وسيكون لها استخدامات كثيرة في. قطاعات مختلفة من الاقتصاد.