الكل منا يرغب في التميز، سواء في العمل أو الدراسة أو في الحياة بصفة عامة، ولكن هذا التميز يأتي بدرجة أولى على أعمالنا ومشاريعنا أو تجارتنا، ومع ثمن التميز العالي السعر فإننا سرعان ما نتراجع عن هذه الرغبة، و نستسلم لما هو روتيني أو معتاد بالنسبة لنا، و في الأخير نشتكي من عدم تحقيقنا للنجاح الذي نتمناه.
صراحة، إن واقعنا المعيشي في عصرنا الحالي، لا يتسامح أبداً مع الناس المملين أو الروتينيين، و خصوصا عندما نتحدث عن عالم العمل، فلا يوجد شخص بالعالم مستعد لإنفاق ماله بدون دوافع عاطفية أو حماس لذلك، و هذا ينطبق على الزبون أو العميل الذي سيدفع مقابل سلعتك أو منتجك أو خدمتك، أو رجل الأعمال الذي ترغب منه أن يقوم بتوظيفك لدى شركته، أو يعطيك ترقية عمل بالشركة.
ذكرنا سابقاً أن ثمن التميز باهظ، ولكن هذا لا يعني أنه مستحيل أو أنه أمر ليس من الممكن تعلمه.. و لأن التميز هو الوجه الجميل للاختلاف فلا يمكن أن نضع بعض العبارات في قالب جاهز تعطيك وصفة سحرية للتميز، لكننا نمد بشروط و قواعد إذ التزمت عليها فستجعلك تمتلك المؤهلات حتى تصل إليه.
واصل التفاعل مع عملائك واكسب ثقتهم ورضاهم
شرط يبدو بسيط، ولكن تحقيقه ليس بالأمر السهل على الإطلاق، حتى كبريات الشركات تفشل أحياناً في الحفاظ على التفاعل مع عملائها، و تضع لهم برمجيات ذكاء اصطناعي مملة تشعرهم بالضجر في صفحات خدمة العملاء.
لا يوجد أي بديل أحسن من التفاعل الحقيقي و الصادق لكسب ثقة ورضا العملاء، فلا تقم بشراء برمجيات ذكاء اصطناعي للتظاهر بتفاعلك مع الناس، إذ إن التواصل بين البشر يساعد في بناء الثقة والروابط الإيجابية بين الشركة و الزبائن. كما يجعلك أيضاً مطلعاً بشكل مستمر على خيارات وتفضيلات زبنائك أو عملائك.
وبحسب طبيعة عملك يختلف نمط التفاعل المثالي، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكنك أن تظهر في بث مباشر على صفحتك بالفيسبوك، أو التفاعل مع تعليقات الزبائن، و الإجابة على أسئلتهم عبر الرسائل التي يوجهونها إلى صفحة الشركة. فهذا يساعد كثيراً في بناء روابط حقيقية و متينة بينك و بين زبنائك أو عملائك، و يخلق أجواء ثقة و وفاء بين الجانبين.
كما ينطبق هذا الأمر على أصحاب الشركات، فإنه ينطبق كذلك على الموظفين، فإذا كنت تظهر لمديرك خطة تفاعل ممتازة للتواصل مع العملاء أو مع جهات العمل الأخرى، فإنك ستتحول من مجرد موظف عادي، إلى ركيزة أساسية للشركة، لا يمكن الاستغناء عنها.
الموازنة بين التخطيط والتنفيذ وبين الأحلام والواقع
تعد الموازنة بين التخطيط والتنفيذ أحد استراتيجيات التميز في العمل الذي تساعد في تحقيق التميز الوظيفي، إذ يجب عليك التخطيط للأعمال التي ستقوم بها ثم تنفيذها على الوجه المناسب وِفق الخُطَّة.
إلا أن سير التنفيذ وفق الخطة بشكل متطابق أمر أشبه بالمستحيل، وعادةً ما يقع الموظفون الاعتيادين بخطأ لوم أنفسهم على تقصيرهم، ويتعدى الأمر ذلك ليصل إلى تأثر علاقته بالمحيط، نتيجة لهذا التقصير.
لتُظهِر التميز الوظيفي لديك، لا بد من امتلاك القدرة على تعديل الخطة بالشكل الأنسب لتحقيق الأهداف المطلوبة، وهذه نتيجة لممارسات وخبرات علمية وعملية متراكمة تساعدك في التميز لمراحل التخطيط والتنفيذ. فلا بد من تخصيص الوقت الكافي للمرحلتين، والرجوع لهما كل فترة للمقارنة في سبيل تحقيق الأهداف المطلوبة.
أما إذا كنت تاجرًا أو صاحب استثمار، لا يجب أن تهدر الكثير من وقتك على أحلام اليقظة مثل: “لو أني حققت مبيعات بمقدار كذا سأكسب كذا- لو أني أعلنت عند الجهة المشهورة الفلانية سأكسب الحشود من العملاء، لكن مهلًا هل أمتلك الموارد الكافية لخدمتهم؟!”.
هذه الأحلام لن تساعدك في التميز، لكن تنفيذها ضمن خطة ناجحة ومتقنة للغاية وبذل الكثير من الجهد عليها سيفعل ذلك.
افصل حياتك الخاصة ومشاعرك ومشاكلك عن عملك
يمتلك الكثير من الناس الأفكار الجيدة، التي تترافق مع عبقرية فذة وقدرة كبيرة على الاجتهاد، لكنهم يفشلون لأنهم يتركون حوادث الحياة وملماتها التي لا تنتهي لتؤثر عليهم، فإذا أنجزوا اليوم عجزوا عن الإنجاز غدًا.
الحياة صعبة نعلم ذلك، وكل يوم نسمع أخبارًا سيئة، وكل يوم يحدث لنا جديد ما في البيت من مشاكل عائلية لمرض أحد أفراد الأسرة، كل هذه العوامل وغيرها الكثير تساهم وبشدة في تغيير حالتك المزاجية وحالتك المزاجية بدورها تؤثر على تحقيق الجودة والاحترافية في العمل.
لهذا وكما لمحنا في النقطة السابقة تعوَّد دائمًا أن تفصل بين حالتك النفسية وعملك، إن كنت جالسًا تندب حظك و مكتئبًا في إحدى الغرف وتذكّرت أن هناك عملًا متراكمًا حولك فقم واذهب إلى علمك، انجزه بالكامل ثم عد وواجه مشاكلك، لا يأتي شيء في الحياة بالشكاية والتذمّر و أحزانك مهما كانت عميقة لن تقتلك، اقتلها أنت بعملك و بإرضائك لذاتك.
رأسمالك الحقيقي هو وقتك فحسب
لم ولن تسمع عن شخص وصل إلى التميز في عمله أو تجارته أو أي شيء آخر إطلاقًا وهو مهمل في تنظيم وقته. قد يبدو هذا كلامًا عامًا نسمعه كثيرًا لكنها الحقيقة التي تعاد علينا مرارًا وتكرارًا بدون أن نكترث لها.
نجد بالتجربة أن الإنسان الذي يقوم بتنظيم وقته يستطيع أن ينجز 3 أضعاف العمل الطبيعي مقارنةً مع شخص لا يفعل ذلك.
يخطئ الكثير من الناس حين يعتقدون أن تنظيم الوقت يعني أن تضع نفسك في المكتب لمدة 5 ساعات مثلًا، ثم تذهب للتسوق لمدة ساعة وما شابه؛ بل المعنى الحقيقي لتنظيم الوقت هو القدرة على أن تصب جام تركيزك على عمل واحد تنجزه بالتمام والكامل خلال وقت محدد بعناية وبشكل مدروس.
قد تقضي 5 ساعات على مكتبك وأنت لا تنجز شيئًا، إذ تصلك رسالة من فلان فترد عليها، ثم تشعر بالجوع فتتناول وجبة صغيرة، ثم تجد أن رأس ثقل قليلًا بعد الطعام فتقرر أنه وقت الاستراحة، وهكذا يمضي النهار وأنت لم تتقدم قيد أنملة.
في المقابل لن يهتم الشخص المنظم لوقته لأي رسائل تأتيه في وقت العمل، ولن يكترث لشعوره العابر بالجوع لأن وقت الغداء لم يأت بعد، وفي النهاية سيركز جيدًا على إنجاز العمل الذي وضعه نصب عينيه لأنه صارم مع نفسه ويرفض تركه حتى ينتهي.