دخلت منزلك بعد يوم مرهق و شاق في العمل، و أنت متعب و جائع، تريد فقط أن تلتقط انفاسك، و تأخذ شيئا ما لتأكله ثم تجلس أمام شاشة التفاز، و بعد مرور بعض الوقت تجد أنك شاهدت للتو 5 حلقات من أحدث عرض على نتفليكس.
قد يكون هذا أمرا جيدا في بعض الأحيان، فنحن جميعًا بحاجة إلى طرق للتخلص من الضغط والراحة من العمل، لكن ذلك ليس من العادات الصحية، لذلك يقضي أكثر الأشخاص نجاحًا في العالم وقت فراغهم في التعلم.
نُشر تقريراً على موقع إنتروبرينور (entrepreneur) أُكد فيه أن الأشخاص الأكثر نجاحا في العالم، دائماً ما يخصصون على الأقل ساعة يومياً للتعلم والقراءة.
جاء في التقرير أيضاً أن هذا الأمر ليس سِراً مُحتكراً بين الناجحين، فقد توصل توماس كورلي في دراسة له استمرت لمدة 5 سنوات و التي شملت أكثر من 200 مليونير عصامي، إلى أن هؤلاء الناجحون لا يشاهدون التلفاز. و بدلاً من ذلك فقد صرح 86% منهم أنهم يقرؤون، لكن ليس فقط لأجل الاستمتاع، و أشار 63% ممن شملتهم هاته الدراسة إلى أنهم يستمعون إلى الكتب الصوتية أثناء تنقلاتهم الصباحية.
كذلك قد كتبت الخبيرة في الشؤون النفسية شونسيه مادوكس: “ليس سراً أن الناجحين يقرؤون، يقال إن المليونير العادي يقرأ كتابين أو أكثر شهرياً.” و بناء على ذلك، اقترحت شونسيه على الجميع “قراءة المدونات، والمواقع الإخبارية، والأدب الخيالي والواقعي خلال الفترة التي يكونون فيها خارج العمل حتى يتمكنوا من الحصول على مزيد من المعرفة”، و إذا كنت تنتقل كثراً، فجرب الإستماع للكتب الصوتية أو البودكاست.
قد تقول أنت الآن: من لديه الوقت للقراءة؟ بين أمور العمل و مسؤوليات البيت و الأسرة يكاد يستحيل إيجاد ولو القليل من وقت الفراغ، و أنا أيضاً أتفهم ذلك كون لدي عمل و أسرة. لكن ماذا إذا كان باراك أوباما – رئيس أمريكا سابقاً – يجد وقتاً للقراءة أثناء وجوده بالبيت الأبيض، فما هو عذرك أنت؟ حتى أنه هذا الأخير ينسب الفضل لنجاحه في الخروج من فترة رئاسته بخير، للكتب.
و ليس الرئيس أوباما هو فقط الوحيد الذي يرجع الفضل في نجاحه للقراءة، بل إن بيل غيتس و أوبرا وينفري و وارن بافيت، إيلون ماسك، مارك كوبان وجاك ما، قراء شرهون أيضا. حيث صرح بيل غيتس لصحيفة نيويورك تايمز بأن القراءة “هي إحدى الطرق الرءيسية التي أتعلم من خلالها، وهي كذلك منذ أن كنت طفلاً”
ولنا أن نتساءل كيف يجدون الوقت للقراءة يوميًا؟ والجواب هو أنهم يلتزمون بقاعدة الساعات الخمس.
قاعدة الساعات الخمس
قام مايكل سيمونز مؤسس ” إمباكت (Impact) ” بوضع قاعدة الساعات الخمس التي كتب عنها على نطاق واسع، و هي قائمة على مبدء بسيط للغاية، مُقتضاه أنه بغض النظر عن مدى انشغال الأشخاص الناجحين، فإنهم يقضون دائماً ما لا يقل عن ساعة يومياً أو 5 ساعات في الأسبوع، في التعلم و القراءة، ويقومون بذلك طوال حياتهم المهنية.
و يُرجع سيمونز منشأ هذه الظاهرة إلى بن فرانكلين، الذي بدوره كان يقوم بتخصيص وقتاً للقراءة و التعلم بشكل مستمر. لقد كان فرانكلين يقوم بذلك عموما أثناء الصباح، و يستيقظ مبكراً لممارسة القراءة و الكتابة، كما كان يضع أهدافا شخصية ويتابع نتائجه استمرار، وانطلاقاً من روح نوادي الكتاب اليوم، قام بإنشاء نادي للحرفيين والتجار، و كانوا يجتمعون في هذا النادي لمتابعة تطوير الذات، و كان فرانكلين يجرب معلوماته الجديدة ويطرح أسئلة تُشجع على التأمل كل صباح ومساء.
أنشطة القاعدة الثلاثة
تبنى رواد الأعمال الناجحون اليوم، قاعدة فراكلين المُتعلقة بالساعات الخمس، و ذلك بتقسيم القاعدة إلى 3 أنشطة:
اقرأ: أصحاب المليارات العصاميون، بما فيهم دان غيلبرت و مارك كوبان، ومالك كليفلاند كافلييرز، يقرؤون يومياً مابين ساعة إلى 3 ساعات، و قد تعلم مؤسس ” تسلا Tesla “، إلون ماسك، كيفية بناء الصواريخ، وهو ما ساعده على تطوير شروع “سبيس إكس (SpaceX) ” من خلال القراءة فقط. و يقول جاك ما مؤسس موقع التجارة الإلكترونية الشهير “علي بابا (Ali Baba)” أنه لتقوم بتوسيع نطاق معرفتك يجب أن تمارس القراءة لأنها ستمنحك بداية جيدة، هذا غاليا ما لا يستطيع أقرانك الحصول عليه، مقارنة بالآخرين، و من المرجح أن يعرف القراء استراتيجيات الصناعات الأخرى و تكتيكاتها.
وحتى إذا كنت لا تستطيع الالتزام بساعة أو أكثر من القراءة كل يوم، فابدأ بـ20 إلى 30 دقيقة. وأنا أحرص على أن يكون عندي دائمًا كتاب يرافقني، لذا عندما أكون في انتظار بدء اجتماع أو في غرفة الانتظار في مكتب الطبيب، يمكنني القراءة بدلا من إضاعة الوقت على هاتفي الذكي. ويمكنك أيضا تجربة الكتب الصوتية أثناء تنقلاتك اليومية أو أثناء ممارسة الرياضة.
حتى و إن كنت غير قادر على الالتزام بساعة أو أكثر على ممارسة القراءة يومياً، فجرب البدء ب 20 إلى 30 دقيقة، و ارفعها تدريجيا مع مرور الأيام، و يقول جاك ما كذلك “أنا أحرص على أن يكون لدي دائماً كتاب يرافقني، لذا عندما أكون في انتظار بدء اجتماع أو في غرفة الانتظار في مكتب الطبيب، يمكنني القراءة بدلاً من إضاعة الوقت على هاتفي الذكي.” و يمكنك أنت أيضاً تجربة الكتب الصوتية أثناء تنقلاتك اليومية أو خلال ممارستك للرياضة.
تأمّل: تتضمن أنشطة قاعدة الساعات الخمس أيضًا التفكير والتأمل. قد يكون ذلك من خلال مجرد التحديق في الحائط أو تدوين أفكارك. على سبيل المثال، مؤسسة شركة “سبانكس سارا بليكلي” (Spanx Sara Blakely) هي صحفية تمارس الصحافة منذ سنوات عديدة.
تأمل: تحتوي قاعدة الساعات الخمس أيضا على التفكير و التأمل، قد يكون ذلك من خلال مجرد التحديق في الحائط أو تدوين أفكارك، فعلى سبيل المثال، مؤسسة شركة “سبانكس سارا بليكلي” هي صحفية تمارس الصحافة منذ سنوات عديدة.
إن التركيز على الماضي يمنحك فرصة للتعلم من الأخطاء التي ارتكبتها من قبل، وكذلك تقييم ما فعلته بشكل صحيح. ونتيجة لذلك، ستكون مؤهلا أكثر لتحقيق أهدافك وتحسين حياتك.
وقد وجدت دراسة أجرتها جامعة تكساس عام 2014، أن الراحة العقلية والتفكير يحسّن مهارات التعلم. ولكن أنصحك أن تبدأ بخطوات صغيرة، خصص 5 أو 10 دقائق يوميًا، ثم زد المدة بالتدريج حتى لا تشعر بالإرهاق.
تعرف إلى الأسئلة التي تريد طرحها. التزم بسؤالين أو ثلاثة فقط. على سبيل المثال، إذا حضرت مؤتمرًا فاسأل: “ما النقاط الرئيسية؟”، و”كيف يمكنني تطبيق هذا على عملي؟”.
جرّب: النشاط الثالث والأخير هو التجربة السريعة. أصبح بن فرانكلين وتوماس إديسون من رواد المخترعين والمفكرين بسبب تجاربهم، وقد أصبح لدينا الآن خدمة بريد “جيميل” ( Gmail) لأن شركة غوغل سمحت للموظفين بتجربة أفكار جديدة.
وسبب كون التجارب مفيدة للغاية، هو: أنك تتعامل مع حقائق لا افتراضات، كما تمكنك التجارب من معرفة الأشياء التي نجحت من غيرها، وعليه يمكنك التعلم من أخطائك والحصول على آراء الآخرين. وأفضل ما في الأمر هو أن التجربة لا تستغرق وقتًا طويلاً. ففي معظم الأوقات، تقوم بتجربة اختبار من خلال نفس الأنشطة التي تؤديها دون اختبار.
حتى أن جاك ما يوصي بتطبيق المعرفة التي تعلمتها على سيناريو من واقع الحياة. على سبيل المثال، بعد قراءة كتاب عن التعاون والعمل الجماعي، يمكنك القيام بعمل تطوعي جديد لاستخدام هذه المعرفة.
عندما تجعل التعلم عادة، فمن المرجح أن تكون أكثر نجاحًا وإنتاجية في مجالات مختلفة من حياتك، ومن خلال الاستثمار في تنمية عادة القراءة لديك، يمكنك التأكد من أنك تنمّي قدراتك وشركتك يوميا.
فعلا أساس الحياة العلم والأخلاق فكلما ارتقى الفرد علما سمت أخلاقه