هناك مليون طريقة لجني مليون دولار وتحقيق الثراء، وهذه هي الطريقة التي يتّبعها روبرت كيوساكي.
يُعدّ روبرت كيوساكي مُعلّمًا في الشؤون المالية، ورائد أعمال، ومؤلف كتاب “الأب الغني والأب الفقير“، وهو من أكثر كتب التوعية المالية مبيعًا على مرّ العصور.
لقد غيّر كيوساكي الطريقة التي ينظر بها الملايين حول العالم إلى المال والاستثمار.
في هذا المقال، سنتناول بعضًا من المبادئ الأساسية التي يعتمدها روبرت كيوساكي لتحقيق النجاح و بناء الثروة.
🎧 استمع لهذا المقال و المزيد عبر تطبيق أوديولابي – حمل تطبيق أوديولابي حصريا عبر جوجل بلاي
1. الأصول تأتي قبل الالتزامات
يُعد مبدأ “تقديم الأصول على الالتزامات” حجر الزاوية في فلسفة روبرت كيوساكي المالية، وقد عرّف به على نطاق واسع من خلال كتابه الشهير “الأب الغني والأب الفقير”.
في جوهره، يبدو المفهوم بسيطًا للغاية، لكنه يحمل تأثيرًا عميقًا.
يُعرّف كيوساكي الأصل بأنه أي شيء يُدخل المال إلى جيبك، بينما يُعرّف الالتزام بأنه أي شيء يُخرج المال من جيبك.
هذا التعريف الجديد يُغيّر الفهم التقليدي لمفهومي الأصول والالتزامات، حيث إنهما يُستخدمان عادةً في المحاسبة ومسك الدفاتر، وقد يعتبر منزلك، وفقًا للتعريف التقليدي، من الأصول.
في منظور كيوساكي، فإن منزلك لا يُعتبر أصلًا حقيقيًا ما لم يكن يدرّ دخلًا من الإيجار؛ بل يُعدّ التزامًا، لأنه يسحب المال من جيبك كل شهر على شكل مصاريف صيانة.
في المقابل، فإن عقارًا استثماريًا تقوم بتأجيره بمبلغ يتجاوز نفقاتك الشهرية يُعدّ أصلًا.
التحول الجوهري هنا هو النظر إلى الأصول والالتزامات من منظور التدفق النقدي، وليس فقط من حيث القيمة.
هذا الأسلوب يجعلك تفكر بكفاءة مالية: ما الذي يدرّ عليك دخلاً؟ وما الذي يستنزفه؟
إذا كنت ترغب في أن تصبح ثريًا، فاتّبع نهج روبرت كيوساكي في فهم الأصول والالتزامات باعتباره خارطة طريق عملية.
الهدف ليس مجرد “توفير المال”، بل اقتناء أصول تدرّ دخلًا مستمرًا.
هذا النهج يوجّهك نحو الاستثمارات التي توفّر عوائد مالية، والعقارات المؤجرة التي تولّد تدفقًا نقديًا إيجابيًا، أو نحو إنشاء مشاريع يمكن أن تعمل دون تدخّلك اليومي المباشر.
ومن خلال هذا، لا تكتفي بالحفاظ على القيمة، بل تعمل على زيادة مصادر دخلك بفاعلية. ومع مرور الوقت، يمكن لهذه الأصول أن تتراكم لتُشكّل ثروة كبيرة وأمانًا ماليًا حقيقيًا.
لكن ربما يكون الجانب الأكثر تحولًا في هذا المبدأ هو تغييره لطريقة التفكير.
فبدلاً من السعي وراء مظاهر النجاح المالي التقليدية—كالسيارات الفاخرة، والمنازل الأكبر، والعطلات الباذخة—تركّز على بناء محفظة قوية من الأصول المدرة للدخل.
هذا الانتقال من عقلية الاستهلاك إلى عقلية الاستثمار غالبًا ما يكون العامل الفارق بين من ينالون الحرية المالية، ومن يظلون عالقين في دوامة الحياة اليومية.
2. لا تعمل من أجل المال، بل اعمل من أجل التعلّم
بالنسبة لمعظم الناس، يتمثل الهدف الأساسي من البحث عن وظيفة أو الاستمرار في مسار مهني معين في تحقيق الأمان المالي من خلال دخل ثابت.
لكن روبرت كيوساكي يرى أن هذا التركيز الضيّق غالبًا ما يؤدي إلى ضعف في الثقافة المالية، وينتهي بصاحبه إلى حياة محصورة داخل ما يُعرف بـ”سباق الفئران”.
فقد قيل إن من أخطر أنواع الإدمان هو الراتب الشهري.
في المقابل، فإن العمل من أجل التعلّم يُغيّر المعادلة تمامًا؛ إذ يحوّل كل وظيفة أو تجربة مهنية إلى منصة تعليمية تُمكّنك من اكتساب المهارات والرؤى والمعرفة التي يمكنك لاحقًا توظيفها لتحقيق دخل مستقل.
أول ما يجب إدراكه هو أن التعليم النظامي محدود، خصوصًا في ما يتعلق بتعليم المهارات العملية القابلة للتطبيق في الواقع المالي.
فالوظيفة التقليدية تُعلّمك كيف تؤدي عملك، لكنها نادرًا ما تُعلّمك كيف تدير أموالك أو تستثمرها أو تنمّيها.
وتزداد الصورة قتامة حين يتعلق الأمر بفهم كيفية استغلال المال في بناء الأصول أو كيفية عمل الضرائب.
من خلال العمل بهدف التعلّم، تختار وظائف أو أدوارًا أو مشاريع تتيح لك اكتساب هذه المهارات بالذات.
ويصبح الدخل حينها فائدة ثانوية، بينما يكون الهدف الأساسي هو اكتساب مجموعة مهارات يمكن توظيفها لاحقًا في مشاريع ريادية أو استثمارية.
وبحسب كيوساكي، فإن طريقك إلى الثراء يبدأ من الاستثمار في ذاتك، فهي أهم أصل تملكه.
فكّر في مثال الوظيفة ذات الدخل المنخفض في شركة ناشئة مقابل وظيفة ذات راتب مرتفع في شركة كبرى.
العمل في شركة ناشئة قد يمنحك فرصة خوض تجارب متعددة في مجالات مثل المبيعات، التسويق، تطوير المنتجات، وحتى التخطيط المالي.
وهذه المهارات تُعد أدوات تمكّنك لاحقًا من إطلاق مشروعك الخاص أو اتخاذ قرارات استثمارية أكثر ذكاءً.
أما الوظيفة المريحة في شركة كبرى، فرغم أنها توفر مكاسب مالية فورية، إلا أنها قد تحصر مسيرتك في دور متخصص لا يوفّر فرصًا تعليمية واسعة.
وعلى المدى الطويل، فإن مفهوم “العمل من أجل التعلّم” يثريك بما هو أعمق من التعويض المالي المباشر.
فهو يغرس فيك عقلية التعلّم المستمر والقدرة على التكيّف، وهي مهارات أصبحت ضرورية أكثر من أي وقت مضى في عالم اقتصادي سريع التغيّر.
كما يمنحك هذا المسار فرصًا حقيقية للحرية المالية، لأنك لا تراكم المال فحسب، بل تكتسب المعرفة التي تجعل المال يعمل من أجلك.
فالمال قد يُفقد أو يُسرق أو يُنفق، أما المعرفة، فإذا اكتسبتها، فيمكنك الاستفادة منها مرارًا وتكرارًا في مواقف وسياقات مختلفة.
وهكذا يصبح الاستثمار في التعلّم أصلًا دائمًا يُقدّم لك عوائد مستمرة على مدار الحياة.
3. أهمية التدفق النقدي
المفهوم بسيط لكنه عميق: الأمر لا يتعلق بكمية المال التي تملكها، بل بمدى انتظام تدفق المال إليك.
فالفائزون في اليانصيب، على سبيل المثال، ليسوا بالضرورة أثرياء؛ إنما لديهم فقط قدر كبير من المال القابل للإنفاق في لحظة معينة.
وهذا التدفق النقدي هو ما يصنع الفرق بين الحرية المالية والمعاناة المالية.
فتجميع الأصول التي لا تولّد دخلاً يمكن أن يتحول إلى عبء مالي، لأنها قد تتطلب تكاليف صيانة مستمرة، ناهيك عن احتمال انخفاض قيمتها مع مرور الوقت.
في المقابل، فإن الأصول التي تدرّ دخلاً منتظمًا توفّر لك الأمان على المدى الطويل، وتمنحك حرية استغلال الفرص الاستثمارية الجديدة عندما تظهر.
لهذا السبب، يوصي كيوساكي بالاستثمار في الأصول مثل العقارات أو امتلاك المشاريع، لأنها تضمن تدفقًا نقديًا مستمرًا.
وحتى في سوق الأسهم، يُفضّل كيوساكي الأسهم التي توزّع أرباحًا دورية على تلك التي تعتمد فقط على إمكانية ارتفاع السعر لتحقيق أرباح رأسمالية.
ميزة هذا النهج أنه يجمع بين الأمان المالي وإمكانية النمو. فمصاريفك تكون مغطاة، وما يتبقى يمكن إعادة استثماره لتوليد مصادر دخل إضافية.
وعندما يتحدث كيوساكي عن أهمية التدفق النقدي، فهو في الحقيقة يشير إلى بناء منظومة مالية ذاتية الاستدامة.
فعندما تبدأ هذه المنظومة بالعمل، لا تكتفي بالحفاظ على نفسها، بل تمتلك القدرة على النمو بشكل متسارع. وهذا النمو يُفسح المجال لمزيد من الاستثمارات، وبالتالي مزيد من التدفق النقدي.
وفي ظل اقتصاد متقلب، فإن القدرة على توليد تدفق نقدي ثابت قد تكون العامل الحاسم بين النجاح المالي والفشل.
4. فهم الضرائب والشركات
عندما يتعلّق الأمر بتحقيق الثراء، كثيرًا ما يتحدث روبرت كيوساكي عن الدور الحيوي للضرائب والشركات.
على عكس النهج التقليدي الذي يقوم على دفع الضرائب أولًا ثم إنفاق ما تبقى، يقترح كيوساكي استخدام الإطار القانوني للشركات لتقليل العبء الضريبي، وبالتالي تعظيم الدخل وتوسيع فرص الاستثمار.
ويمثّل هذا تحوّلًا استراتيجيًا من ما يسمّيه “عقلية الموظف” إلى “عقلية المستثمر أو رائد الأعمال”، أي تغيير في الطريقة التي تجني بها المال، وتنفقه، وتُحصّنه من الضرائب غير الضرورية.
وهذا الأمر مهم للغاية، خصوصًا للمستقلين (Freelancers) الذين يؤسّسون شركات خاصة بهم.
يرى كيوساكي أن الشركات تشبه “صناديق المال السرية” التي أتقن الأثرياء استخدامها.
فأحد أسباب ازدياد ثراء الأغنياء ليس فقط لأنهم يجنون مالًا أكثر، بل لأنهم يحتفظون بجزء أكبر منه.
إذ تتيح لك الشركة خصم النفقات قبل احتساب الضرائب، ما يقلّل بشكل كبير من التزاماتك الضريبية.
وعلى النقيض من ذلك، يضطر الأفراد إلى دفع الضرائب أولًا، ثم تدبّر أمور حياتهم بما يتبقى لهم من دخل.
قدرة الشركة على خصم النفقات، واستخدام الأموال قبل خصم الضرائب في الاستثمارات، والاستفادة من الإعفاءات الضريبية المختلفة، يمكن أن تكون الفارق بين ثروة متواضعة وثروة ضخمة.
ويشير كيوساكي إلى أن القوانين الضريبية ما هي إلا مجموعة من الحوافز التي تضعها الحكومات لتشجيع المستثمرين وروّاد الأعمال.
ومن خلال فهم كيفية الاستفادة من هذه الحوافز، يمكنك ليس فقط تقليل التزاماتك الضريبية، بل أيضًا تحفيز نفسك على الانخراط في الأنشطة الاقتصادية التي تريد الحكومة تشجيعها، مثل الاستثمار العقاري أو تأسيس المشاريع.
لذلك، فإن الاستخدام الذكي للشركات وفهم قوانين الضرائب لا يتعلّق بالتهرّب الضريبي، بل هو مسألة ذكاء واستراتيجية في كيفية توليد الثروة والاحتفاظ بها.
والخلاصة واضحة تمامًا: تعلّم كيفية استغلال مزايا الشركات والقوانين الضريبية ليس حكرًا على النخبة الثرية، بل هو متاح لكل من يسعى إلى تحقيق الحرية المالية.
فقواعد المال لا تُدرّس في التعليم التقليدي، ولهذا فإن اكتساب هذا النوع من المعرفة يُعدّ خطوة ثورية وضرورية في طريق بناء الثراء.
5. كيفية استخدام الديون
تختلف نظرة روبرت كيوساكي إلى الديون اختلافًا كبيرًا عن الحكمة المالية التقليدية.
فبينما يرى معظم الناس أن الديون أمر يجب تجنبه، يدعو كيوساكي إلى استخدام ما يُسمّيه “الديون الجيدة” كأداة لتسريع عملية بناء الثروة.
السر، من وجهة نظره، يكمن في التمييز بين “الديون الجيدة” و”الديون السيئة”.
“الديون السيئة” هي ما يعرفه معظم الناس، كديون بطاقات الائتمان الناتجة عن شراء أشياء تفقد قيمتها مع مرور الوقت—مثل الكماليات، والعطلات، والسيارات.
هذا النوع من الديون يستنزف مواردك المالية ويُفقرك على المدى البعيد.
أما “الديون الجيدة”، فهي تلك التي تُستخدم لشراء أصول تدرّ دخلًا أو تزداد قيمتها مع الوقت.
وقد تشمل العقارات المؤجرة، أو المشاريع التجارية، أو الاستثمارات المختلفة.
فالعائد من هذه الأصول يمكنه ليس فقط تغطية تكاليف الدين (مثل الفوائد)، بل أيضًا توليد دخل إضافي، مما يُنتج تدفقًا نقديًا إيجابيًا.
وهذا هو ما يُعرف بالاستفادة من الدين بطريقة تمكّنك من تنمية ثروتك.
يؤكد كيوساكي أن استخدام “الديون الجيدة” بذكاء يمكن أن يُضخّم من عوائدك، ويتيح لك الاستفادة من نمو رأس المال، وتوليد الدخل، والاستفادة من المزايا الضريبية.
لكن مع ذلك، فهذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر، وتتطلب فهمًا عميقًا لظروف السوق، وأسعار الفائدة، ووضعك المالي الشخصي.
لذلك، يجب الحذر، فالتعليم المالي والوعي ضروريان قبل اعتماد مثل هذه الأساليب المتقدمة.
والخلاصة هنا واضحة: ليست كل الديون متماثلة.
ومن خلال فهم “الديون الجيدة” واستخدامها بحكمة، يمكنك الاستفادة من الرافعة المالية لمضاعفة عوائد استثماراتك، واكتساب أصول إضافية، وتسريع مسارك نحو الحرية المالية.
6. مصادر الدخل
في عالم روبرت كيوساكي، الاعتماد على مصدر دخل واحد—كوظيفة بدوام كامل من التاسعة إلى الخامسة—ليس فقط أمرًا محدودًا، بل يُعد أيضًا خطيرًا.
تنصّ فلسفته على أهمية امتلاك أكثر من مصدر دخل؛ ليس فقط الدخل الناتج عن العمل، بل أيضًا الدخل السلبي ودخل الاستثمارات.
يرى كيوساكي أن الاعتماد على مصدر دخل واحد، خاصة إذا لم يكن لك سيطرة كاملة عليه مثل الوظيفة، يعرّضك لعدم الاستقرار المالي.
امتلاك مصادر دخل متعددة يُشبه تمامًا مبدأ “عدم وضع كل البيض في سلة واحدة”.
فعندما تكون لديك أكثر من وسيلة لكسب المال، يقلّ تأثّرك بتقلبات السوق أو تغيّرات الوظائف. وإذا توقف أحد المصادر أو تراجع، يكون لديك بدائل أخرى.
وفيما يتعلّق ببناء الثروة، ينصح كيوساكي بالاستثمار في العقارات، وتأسيس أو شراء مشاريع تجارية، والاستثمار في سوق الأسهم.
فالإيجارات الناتجة عن العقارات يمكن أن تكون مصدر دخل ثابت، وغالبًا ما تزداد قيمة العقار بمرور الوقت.
أما المشاريع التجارية، فقد تدرّ أرباحًا فورية وتكتسب قيمة إضافية على المدى البعيد.
والاستثمار في الأسهم أو السندات يمكن أن يمنحك دخلًا من التوزيعات أو الفوائد، بالإضافة إلى فرصة تحقيق أرباح رأسمالية عند ارتفاع قيمة الاستثمار.
لكن الأمر لا يقتصر على تعدد مصادر الدخل فقط؛ بل يجب أن تكون متنوعة من حيث النوع أيضًا.
الدخل المكتسب (أي الراتب من الوظيفة) غالبًا ما يخضع لأعلى معدلات الضرائب، ويتطلب وقتًا وجهدًا كبيرًا.
أما الدخل السلبي، مثل دخل الإيجارات، فيُفرض عليه ضرائب أقل عادةً، ويتطلّب جهدًا أقل مع مرور الوقت.
أما الدخل من المحفظة الاستثمارية—مثل الأسهم والسندات—فغالبًا ما يكون الأقل من حيث الجهد والضرائب.
تنويع مصادر دخلك مهم لأنه لا يمنحك فقط استقرارًا ماليًا، بل يعمل كشبكة أمان.
وهو نهج يوفّر لك فوائد على المدى القصير، وأمانًا ماليًا على المدى الطويل، إلى جانب عدد من المزايا الضريبية.
7. لا تترك أموالك خاملة في البنك
لا يوجد خطأ جوهري في الادخار، لكن روبرت كيوساكي يرى أن هذا نموذج قديم لا يأخذ بعين الاعتبار تأثير التضخّم.
فالمال الذي تدّخره اليوم سيفقد من قيمته مستقبلاً، لأن الأسعار ترتفع مع مرور الوقت.
وبحسب كيوساكي، فإن ادخار المال لا يمنحه فرصة للنمو أو العمل من أجلك.
في الواقع، وبسبب انخفاض أسعار الفائدة وتأثير التضخّم، فإن القيمة الحقيقية لأموالك المُدّخرة قد تتناقص بمرور الزمن.
ولهذا السبب، يشجّع كيوساكي الناس على الاستثمار بدلاً من الاكتفاء بالادخار. فمع الاستثمارات المناسبة، يمكنك تحقيق أرباح تفوق بكثير ما قد يمنحه لك حساب التوفير البنكي.
لا يهم إذا كنت تستثمر في سوق الأسهم، أو العقارات، أو أي مجال آخر؛ الأهم هو أن توظّف أموالك في أدوات استثمارية تُتيح لك معدل عائد أعلى.
لكن من الضروري أن تتذكّر أن الاستثمار ينطوي على مخاطر، ويتطلب فهمًا جيدًا للعالم المالي.
ولهذا، يُروّج كيوساكي لأهمية التثقيف المالي، حتى تتمكن من اتخاذ قرارات مدروسة.
ينبغي أن تتعرّف على أساسيات أي فئة من الأصول قبل أن تشتري فيها، وأن تفهم مستوى المخاطر المرتبطة بها، وتكون على دراية باتجاهات السوق التي قد تؤثر عليها.
ومن خلال اتخاذ قرارات ذكية في استثمار أموالك، لا تكتفي فقط بحفظها، بل تساهم أيضًا في نموك المالي الذاتي.
الخلاصة: الادخار أمر جيد، لكن في فلسفة كيوساكي، الاستثمار غالبًا ما يكون الخيار الأفضل لمن يسعى إلى الثراء.
فقط تأكّد من امتلاكك للمعرفة والأدوات التي تمكّنك من القيام باستثمارات ذكية.
8. لا تتبع القطيع
في عالم الاستثمار واتخاذ القرارات المالية، تعني “عقلية القطيع” الانسياق وراء ما يفعله الآخرون، غالبًا بدافع الخوف أو الطمع.
فعلى سبيل المثال، خلال فترات ازدهار سوق الأسهم، يُسارع الكثيرون إلى شراء الأسهم لمجرد أنهم يرون الآخرين يحققون أرباحًا سريعة.
وعلى النقيض، عندما ينخفض السوق، يصيب الذعر المستثمرين فيتسرعون بالبيع خوفًا من خسائر أكبر.
اتباع القطيع يُعد أمرًا محفوفًا بالمخاطر، لأنه غالبًا ما يعني أنك تدخل السوق بعد فوات الأوان، أو تخرج منه قبل الأوان—وكلا الحالتين قد تؤديان إلى خسائر مالية كبيرة.
عندما يتعلق الأمر بتحقيق الثراء، يحذّر روبرت كيوساكي من هذا السلوك الغريزي لأنه في العادة يكون ردّ فعل عاطفيًا لا عقلانيًا.
بدلًا من ذلك، يُوصي بإجراء أبحاثك الخاصة، وفهم السوق جيدًا، واتخاذ قرارات مالية تتماشى مع أهدافك الشخصية ومستوى تقبّلك للمخاطر.
عدم اتباع القطيع يعني أنك لا تستثمر فقط لأن الجميع يفعل ذلك، بل لأن الاستثمار يتماشى مع رؤيتك لمستقبلك المالي.
وفي كثير من الأحيان، يفتح لك الابتعاد عن القطيع أبوابًا لفرص لا ينتبه لها الآخرون.
وقد تتمثل هذه الفرص في أسهم غير شائعة، أو أسواق عقارية مُهملة، أو استثمار في مهارات وصناعات لم تشهد بعد انفجارها الحقيقي.
ومن خلال الابتعاد عن الزحام، يمكنك شراء الأصول بأسعار منخفضة وبيعها لاحقًا بقيمة أعلى، لأنك لا تُنافس آلاف المشترين أو البائعين في نفس اللحظة.
بمعنى آخر، إذا كانت خالتك قد بدأت الاستثمار في شيء ما، فربما يكون الوقت قد فات.
9. أحِط نفسك بأشخاص أذكياء
غالبًا ما يقول روبرت كيوساكي إنه إذا كنت تريد أن تصبح ثريًا وتحقق الاستقلال المالي، فعليك أن تحيط نفسك بأشخاص أذكياء وذوي معرفة.
فدائرة أصدقائك لا تعكس فقط حياتك الشخصية، بل تُعد عاملًا حاسمًا في مستقبلك المالي أيضًا.
فالأشخاص الأذكياء، وخاصة أولئك الذين يمتلكون الخبرة التي تطمح إليها، يمكنهم أن يقدّموا لك رؤى وتوجيهات وفرصًا لم تكن لتحصل عليها بمفردك.
فكر في الأمر كنوع من الاستثمار في “الثروة الاجتماعية”.
الفكرة هنا هي أنه إذا كانت لديك شبكة من الأشخاص الأذكياء وذوي الدراية المالية، فستتعرّف على أفكار ووجهات نظر لم تكن لتخطر في بالك من قبل.
الأمر لا يقتصر على بناء علاقات من أجل الأعمال فقط، بل يشمل أيضًا التعلّم من تجارب الآخرين.
فالأشخاص الذين تُمضي معهم وقتك يمكن أن يُساهموا في تطويرك أو إعاقتك، سواء كنت مهتمًا بالاستثمار العقاري، أو سوق الأسهم، أو نماذج الضرائب.
وبحسب كيوساكي: “أنت متوسط الأشخاص الخمسة الذين تقضي معهم معظم وقتك.”
فإذا كان هؤلاء الأشخاص لا يملكون معرفة كافية عن المال، فقد تكتسب حدودهم وربما حتى عاداتهم المالية السيئة.
أما إذا كنت تُحيط نفسك بأشخاص أكثر علمًا وخبرة ونجاحًا منك، فستكون أكثر عرضة للتقدّم والوصول إلى مستواهم.
يمكنك التعلّم من نجاحاتهم وإخفاقاتهم، مما يساعدك على اتخاذ قرارات مالية أفضل وتجنّب الأخطاء الشائعة.
وفي النهاية، إذا كان جميع أصدقائك مفلسين… فغالبًا ستكون مثلهم.
10. افهم السوق
هذه نقطة يتّفق عليها كل من روبرت كيوساكي ووارن بافيت.
فهما لا يدخلان في مجالات لا يفهمانها تمامًا، حتى وإن بدت فرصة مغرية.
يؤكد كيوساكي باستمرار على أهمية “فهم السوق” عند الحديث عن الاستثمار وبناء الثروة.
ويرى أن أحد الأسباب الرئيسية لفشل الناس في استثماراتهم هو عدم فهمهم لظروف السوق، واتجاهاته، وقوانينه.
بالنسبة له، الاستثمار لا يعني مجرد ضخ الأموال في الأسهم أو العقارات أو غيرها من الأصول والتمنّي أن تسير الأمور على ما يرام.
بل هو عملية مدروسة تتطلب فهماً لديناميكيات السوق، وسلوك المستهلكين، والمؤشرات الاقتصادية.
البحث الجيد في السوق يتطلب معرفة ماضي الأصل المالي، وحاضره، وتوقعات مستقبله.
إذا كنت تطمح إلى الثراء، ينصحك كيوساكي بالقيام بالواجب البحثي قبل أن تخوض أي استثمار:
هل تستثمر في قطاع يشهد نموًا؟
ما هي الاتجاهات التاريخية لأسعار هذا الأصل؟
ماذا يقول الخبراء؟
كم يوجد من خيارات استثمارية مشابهة في السوق؟
هذه بعض الأسئلة التي يجب أن تطرحها على نفسك، بحسب كيوساكي.
فهم اتجاهات السوق جزء أساسي من فهم السوق ككل.
فالأسعار في سوق العقارات أو سوق الأسهم ترتفع وتنخفض، وذلك نتيجة لعوامل مثل العرض والطلب، والحالة الاقتصادية، وحتى الأوضاع السياسية.
إذا كنت على دراية بهذه الدورات، يمكنك اتخاذ قرارات أفضل حول وقت الشراء أو الاحتفاظ أو البيع.
اختيار الوقت المناسب للاستثمار قد يكون الفارق بين تحقيق أرباح جيدة أو تكبّد خسائر كبيرة.
وعندما “تفهم السوق”، يمكنك أيضًا العثور على أصول تُباع بأقل من قيمتها السوقية وتحقيق أرباح كبيرة منها.
يتحدث كيوساكي كثيرًا عن أهمية التثقيف المالي لاكتشاف مثل هذه الفرص.
ويقول إن أكثر الصفقات ربحًا هي تلك التي لا يلاحظها معظم الناس أو لا يفهمونها—لأنهم ببساطة لا يعرفون السوق جيدًا.
وهكذا، تتضح الصورة.
روبرت كيوساكي يُعتبر من الجيل القديم في عالم المال. وكتابه الشهير “الأب الغني والأب الفقير” كان من أوائل الكتب التي قرأناها عن المال، وغالبًا ما ننصح به كل من يبدأ رحلة التعلّم المالي.