في سابقة له، الفدرالي الأمريكي يرفع نسبة الفائدة إلى 0.50%، في محاولة منه لكبح جماح التضخم الذي يفتك الاقتصاد الأمريكي، وهي أعلى نسبة فائدة منذ سنة 2000.
على الرغم من تحذيرات الخبراء الإقتصاديون من فشل هذه الخطوة و أضرارها على الإقتصاد العالمي. وذلك جنباً إلى استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا و انعاكاساتها على شح السلع والمواد الغذائية والمصادر ومشتقات الطاقة وارتفاع أسعارها حول العالم. مما يدفع خبراء علم الاقتصاد إلى دق ناقوس الخطر خوفاً من الركود الإقتصادي في جميع أنحاء العالم.
باختصار، فإن الأحداث الأخيرة التي تمثلت في ارتفاع أسعار الفائدة من طرف البنوك المركزية، وأزمات وول ستريت، وكذلك الاضطرابات الجيوسياسية أدت لتفاقم مشكلة سلاسل التوريد التي ظهرت في عام 2020. مما جعل خبراء “Deutsche Bank” الإقتصاديون يحذرون من خطر مواجهة ركود اقتصادي عالمي كبير، و في المقابل صرح بنك “Bank of America” أن الوضعية السائدة في الأسواق المالية كانت هي “الركود”.
فإن الحرب الروسية الأوكرانية، أدت لتفاقم أسعار الطاقة والغذاء إلى أعلى مستوياتها في الإتحاد الأوروبي وخارجه، وفي ظل وضعية الغرب المتوترة أيضاً، يتباطأ ثاني أكبر اقتصاد في العالم “الاقتصاد الصيني” ، مما يهدد بعرقلة النمو العالمي.
بعبارة أخرى، إذا كان التاريخ يحذر لشيئ ما، فإن الارتفاع الأخير في التضخم يشير إلى أننا سنكون على وشك السقوط في حفرة الركود… مع استثناء واحد فقط، فإن كل ركود أمريكي منذ الحرب العالمية الثانية سبقه ارتفاع كبير في الأسعار، ذلك وفقًا لخدمة أبحاث الكونجرس.
الآن السؤال هو: هل ينجح الفيدرالي الأمريكي بلجم وحش التضخم؟
في تعليق على رفع الفائدة الأمريكية صرح الخبير الإقتصادي و المتخصص في قطاع النفط و الطاقة “عامر الشوبكي” قائلاً “بطبيعة الحال كانت هذه الخطوة متوقعة من الفيديرالي الأمريكي، إن رفع سعر الفائدة بنسبة 0.50% هي محاولة للفيديرالي الأمريكي للسيطرة على ارتقاع الأسعار المتواصلة، وكذلك لحماية قدرة الأمريكيين الشرائية من وحش التضخم، في محاولة للموازنة بين ارتفاع الأسعار و معدلات التوظيف”
ويردف قائلا: “وبالتالي ثمة تخوف كبير حول حصول الركود التضخمي، كونه مع فرض العقوبات الأميركية على روسيا وتشديدها ومحاولات موسكو بالمقابل صدها وعكسها على الجانب الغربي، و يُخشى أن يتواصل ارتفاع أسعار السلع والطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية وحول العالم بشكل أكثر حدة وتصاعدية”.
ويسترسل الخبير المتخصص في قطاع النفط والطاقة في شرح التحديات التي تعصف بالاقتصاد الأميركي على وقع الحرب الأوكرانية، بالقول: “خاصة وأنه ثمة نية أوروبية لفرض حزمة سادسة من العقوبات على روسيا، قد تشمل فرض عقوبات على قطاع النفط الروسي هذه المرة، وفق ما اقترحته المفوضية الأوروبية”.
ويوضح: “هذا الاحتمال رفع سعر البرميل إلى ما فوق 110 دولارات، وبالتالي فارتفاع أسعار النفط هذا سيقلل لحد كبير من جدوى وفاعلية القرار الأميركي برفع أسعار الفائدة، لضبط معدلات التضخم التي ستبقى في حالة ارتفاع بسبب ذلك”.
وهذه الصورة التي يظهرها الخبراء، تشير بوضوح إلى تخبط وضياع في قرارات كبار اقتصاديي العالم، والأمر هنا لا يتعلق في وجود أو غياب طريق صحيح يمكن اتباعه للتعامل مع الأزمة، بل المشكلة أن نظام الاقتصاد العالمي الحديث مصمم خصيصًا ليتفاعل بهذه الطريقة، لذا فلا وجود لوصفة سحرية أو حل مثالي طالما أن العطب في بنية النظام ذاتها.