اشتهر الراحل ميلود الشعبي بمساره المثير للاهتمام، بعدما بدأ من الصفر وانتقل من طفل راعٍ للغنم لم يرتد المدرسة يومًا، إلى مالك مجموعة اقتصادية تضّم العشرات من الشركات التي تعمل داخل وخارج المغرب. ويعدّ الراحل واحداً من العصاميين، وقد قام بالكثير من الأعمال الكبرى والخيرية، التي استطاع أن ينجزها ويصل إليها بكفاحه الذاتي.
طفل يرعى الماعز والأغنام
في عام 1930، وفي بيئة شديدة الفقر، وُلد الطفل ميلود في منطقة الشعبة إحدى المناطق القريبة من مدينة الصويرة بالمملكة المغربية في ذلك الوقت، وكونها منطقة بعيدة، كانت الظروف الحياتية شديدة البساطة، وتختلف تماماً عن مغرب اليوم.
وفي سن 15 ترك المدينة متجهاً إلى مراكش التي استقر فيها لأسبوعين يبحث عن عمل لم يجده، فغادر مراكش إلى القنيطرة حيث عمل في البناء بأجر يومي زهيد.
ميلود الشعبي أسطورة كفاح مغربية
تسلق هرم الشهرة وأصبح من أهم رجال الأعمال في المغرب، في قصة مليئة بالكفاح والإلهام، بدأها بالعمل في رعي الأغنام والبناء.
ميلود الشعبي اليوم هو رئيس “يينا القابضة”، حيث تعد مجموعته من أقوى الكيانات الاقتصادية في المغرب وتمتلك 17 علامة تجارية وتوظف أكثر من 20 ألف موظف.
وتظهر مسيرة الملياردير المغربي أنها بدأت في القنيطرة، حيث أنشأ فيها مقاولة بناء صغيرة بعاملين فقط، في 1948، وفي عام 1964، بدأ التوسع عبر إنشاء مصنع للسيراميك SUPER CERAME. واستمر توسع ميلود بتصنيع مواد التشييد والبناء حتى عام 68 بعدها تخطت أعماله حدود المغرب إلى دول عربية.
وفي عام 1985 استحوذ ميلود على شركة ديماتيت المتخصصة في صناعة وتوزيع تجهيزات الري الزراعي ومواد البناء، وفي الوقت ذاته أنشأ ميلود بعد ذلك شركات جديدة في قطاع تصنيع الورق الكابلات، والبتروكيماويات، البطاريات، التجزئة والضيافة، وفي عام 2000، وحد ميلود نشاطات الشركة تحت مظلة “يينا القابضة”.
وبعد أكثر من 70 عاماً باتت مراكش تحتل مكانة مهمة في محفظة استثماراته، فهي قبلة سياحية عالمية، وهي تشهد الآن على أهم مشاريعه خصوصا في قطاع الضيافة والسكن وذلك عبر سلسلة ضخمة من فنادق موكادور ومجمعات الشعبي للإسكان.
استثمارات الشعبي توفر الآن آلاف فرص العمل في مراكش، المدينة التي لم يستطع أن يجد عملا فيها عندما هرب إليها صغيرا فغادرها إلى القنيطرة.
الملياردير المغربي يتحدث عن أول صفقاته العقارية والتي كانت في القنيطرة، ومن ثم تم تعيينه رئيسا لغرفة التجارة والصناعة للمدينة عام 1969، حيث قال إن المشوار لم يكن سهلا أبدا، فمجال المال والأعمال آنذاك كان محتكرا من قبل الفرنسيين، وبعض التجار اليهود، وبعض الأسر المغربية العريقة، وفي الستينات وتزامنا مع استقلال المغرب سعى الشعبي للاستفادة من برنامج “المغربة” فتقدم للاستحواذ على ديماتيت الفرنسية لكن عرضه قوبل بالرفض. فكرر المحاولة بعدها بنحو 20 عاما. وكانت آنذاك الشركة على وشك الإفلاس لكن نجحت المحاولة وتمت الصفقة.
ورغم الظروف القاسية التي عاشها ميلود إبان إتمام تلك الصفقة، إلا أن الصعوبات لم تقف أمام طموحاته، فكانت المنعطف الأهم في بناء ثروته.
في جانب آخر من مشوار الملياردير المغربي ميلود الشعبي يكشف عن حبه للرياضة، فرغم كبر سنه وخضوعه لعملية القلب المفتوح قبل عام، لا يزال يمارس رياضة الجولف المفضلة في جدوله اليومي.
رحيل ميلود الشعبي..
في عام 2016، رحل ميلود الشعبي عن الحياة بعمر يناهز السادسة والثمانين عاما، في رحلة استمرت أكثر من 70 عاماً بدأها كراعي غنم، ثم عامل بناء، وانتهت به كواحد من أهم وأبرز رجال الأعمال العصاميين في المغرب، بثروة قدرت حين وفاته بأصول تقارب المليار دولار، ومؤسس لعدد من أقوى الكيانات الاقتصادية التي تحتوي على عشرات العلامات التجارية وآلاف الموظفين.
بدأ الراحل حياته كراع للغنم و بدأ المشوار من الصفر في 15 من عمره ليمتد لأكثر من 65 عاما، لينتهي به الأمر في قائمة فوربس للأثرياء العرب. وصنفته كأول ملياردير مغربي بثروة تناهز 3 مليارات دولار.