أصبحت العملات الرقمية المشفرة واقعًا حقيقيًا في التعاملات المالية بين الأفراد وفي قطاع الأعمال أيضًا. فبغض النظر عن آراء بعض الدول التي تؤيد توسيع نطاق استخدامها وتلك التي تعارض وجودها من الأساس، فإن نطاق استخدام العملات المشفرة يتسع ويزداد عدد مستخدميها يومًا بعد يوم. من هنا، تخطط بعض دول الخليج العربي نحو اعتماد استخدام العملات الرقمية في المستقبل من أجل تسهيل وتسريع المعاملات المالية والتجارة وتقليل التكاليف وهو ما يعطيها تأثير كبير على الاقتصاد المحلي في الدول العربية بشكل خاص وفي جميع أنحاء العالم بصفة عامة.
بخصوص ذلك، أشارت أحد أبحاث صندوق النقد الدولي إلى أن أكثر من 50% من المصارف المركزية حول العالم تقوم بأبحاث بغرض إصدار عملات رقمية خاصة بها، ويؤكد التقرير على أن هذه الدول وضعت بالفعل استراتيجية لإصدار هذه العملات. حتى الآن، ظهر 15 عملة رقمية جديدة صادرة من بعض المصارف المركزية حيث دخلت حيز التجربة الفعلية، وذلك بعد مرورها بمراحل البحث وإصدار المفهوم وغيرها من الأطر التي تقنن وتنظم كيفية استخدامها.
العملات الرقمية – استخدامات مختلفة ومزايا متعددة
لقد اكتسبت العملات الرقمية المشفرة المعترف بها حاليًا، مثل بيتكوين وايثريوم وغيرها، الكثير من المصداقية. فهي عملات لها قاعدة كبيرة من المستخدمين. فعلى الرغم من عدم الاستقرار الكبير لها، إلا أنها مقبولة كوسيلة تعامل مالي بين التجار عبر الإنترنت، والمواقع التجارية وحتى مواقع الألعاب الإلكترونية اون لاين.
يمكن للكثير من المستخدمين الحصول على هذه العملات بشكل أسهل بكثير مقارنة بالسنوات الماضية، ويذهب البعض لاستخدامها في المعاملات التجارية وفي الترفيه عبر الإنترنت. فهناك العديد من مواقع العاب الكازينو الإلكترونية التي تدعم العملات الرقمية بأنواعها المختلفة. تتيح هذه المواقع لعملائها الإيداع وسحب الأموال عبر العملة المشفرة، كما أنها لا تضع على هذه المعاملات رسوم تشجيعًا لاستخدامها.
فعلى سبيل المثال، يمكن للمستخدمين التسجيل في أحد هذه المواقع وإيداع أجزاء من عملة بيتكوين الرقمية. يحصل اللاعب على مكافأة نقدية ويمكنه بدء لعبة روليت اون لاين أو أي لعبة كازينو بمال حقيقي. عند الفوز في اي لعبة، يحصل اللاعب أيضًا على عوائد حقيقية، ويمكنه سحب الأرباح عن طريق نفس العملة وبدون أي مشكلات. من هنا، اكتسب العملات الرقمية الكثير من المصداقية، وساهمت مواقع الكازينو في ذلك بشكل كبير فيما يخص قطاع الترفيه الإلكتروني.
ينطبق الأمر على المعاملات المالية الأخرى على الإنترنت. يمكنك مثلًا الحصول على خدمات اون لاين والدفع بالعملة الرقمية مقابل هذه الخدمات. توفر بعض المواقع التجارية الشراء عبر العملة المشفرة، مع تقديم كافة الضمانات للمستخدمين والمتسوقين عبر الإنترنت.
تأتي هذه الشعبية المتزايدة بين الأفراد والشركات لاستخدام العملة الرقمية إلى الخصائص التي تمتاز بها. فهي سرية وآمة للغاية، لا يمكن تتبع المعاملات الخاصة بها من أي جهة على الإطلاق، يمكن الحصول عليها بسهولة ويمكن للمستخدم اثبات ملكيتها والاحتفاظ بها في محفظة إلكترونية.
الدول العربية تتجه إلى إصدار عملات رقمية خاصة بها
تعطي عملات المصارف المركزية الرقمية للدول إمكانية إجراء المعاملات المالية بسهولة وسرعة فائقة دون المرور بالعديد من المصارف التجارية الأخرى. المميز في هذه المعاملات هو التنظيم المركزي لها والذي يمنعها من الدخول في تقلبات من حيث القيمة وتمنع استخدامها في غايات غير مشروعة.
من هنا، لجأت بعض الدول العربية إلى دراسة إصدار عملات رقمية مركزية خاصة بها. بعض الأسباب التي دفعتها لذلك هو تأمين بدائل قوية تنافس العملات المشفرة الخارجة عن سيطرة الدولة، توفير وسائط دفع إلكترونية للأشخاص الذين لا يمتلكون حسابات في المصارف المحلية إلى جانب تسهيل وتسريع التجارة الخارجية وخفض الحاجة لشراء العملة الصعبة للدفع الإلكتروني خارج البلاد.
من هنا، أخذت بعض الدول العربية العمل على هذه العملات ووضعت برامج متنوعة لتجربة وتطوير عملة رقمية مركزية خاصة بها، بل أن بعض الدول العربية مثل الإمارات والسعودية سبقت دول غربية كثيرة في العمل على هذا الملف حيث دخلت كلاهما مرحلة تجريب العملة الرقمية الخاصة بها.
أخذت الإمارات الأمر على محمل الجد، وبالفعل نجحت في إكمال النموذج المالي المطلوب للتداول بالعملة الرقمية. ففي مطلع هذا العام، استراتيجية العملة الرقمية للبنوك المركزية، وتم تتويج الجهود في إصدار عملة الدرهم الرقمي والذي يمثل عملة افتراضية يمكن استخدامها في جميع المعاملات المالية التجارية داخل الإمارات وخارجها.
بدأت المملكة العربية السعودية أيضًا العمل على إصدار عملة رقمية مركزية خاصة بها، ودخلت في مشاريع تجارب متعددة بغرض دراسة آليات الدفع عبر هذه العملات وخصوصًا لخارج حدود المملكة. بدأ البنك المركزي السعودي بالفعل في عملية اختيار العملة الرقمية الخاصة به بالتعاون مع الإمارات للعمل معًا في مشروع “عابر” لإطلاق هذه العملات وتجربتها بشكل عملي.
حتى الآن، لم تطلق السعودية العنان لاستخدام العملة الرقمية الخاصة بها، بل تتريث وتتحفظ قبل الاندفاع باستخدامها. يتم حاليًا دراسة جميع المخاطر المتعلقة بها، والوقوف على كافة التداعيات الاقتصادية التي تنتج عن استخدام عملة السعودية الرقمية قبل إصدار قرار باستخدامها في المستقبل.
إلى جانب ذلك، تعمل دول عربية وخليجية أخرى حاليًا على دراسة كيفية تطبيق العملات الرقمية في المستقبل دون الدخول في مرحلة تطوير وتجربة نماذج وآليات دفع قائمة عليها. من أمثلة هذه الدول: قطر، الكويت، وعمان. على الرغم من تأخر هذه الدول في العمل بشكل فعلي على إصدار عملة رقمية خاصة بها، ولكن تضع ذلك في عين الاعتبار.